للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

م/ ومن البينة: القرينة الدالة على صدق أحد المتداعيين، مثل: أن تكون العين المدعى بها بيد أحدهما، فهي له بيمينه، ومثل: أن يتداعى اثنان مالاً لا يصلح إلا لأحدهما، كتنازع نجار ونحوه بآلة نجارة، وحداد ونحوه بآلة حدادة ونحو ذلك.

البينة في اللغة: الدليل والحجة

واصطلاحاً: قيل هي الشهادة والشهود. قال تعالى (واستَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِجَالِكُمْ)

وفي الصحيحين (شاهداك أو يمينه).

وقيل: هي اسم جامع لكل ما يبيّن الحقّ ويظهره، فكل وسيلة في إثبات الحقّ وإظهاره أمام القاضي فهي بينة ورجحه ابن القيم، كالشهود، أو قرينة حالية، أو براءة أصلية.

• فمن البينة الشهود، وسيأتي في الباب القادم ما يتعلق بالشهادة، مثال: ادعى عمرو على زيد بمال، فيطالب عمرو بالبينة وهي الشهود.

ومنها: القرينة - كما ذكره المصنف - والقرينة: كل أمرٍ يحتف بالقضية بحيث يرجح أحد الجانبين أو الآخر.

ومن أمثلة القرائن: ما جاء في قصة سليمان عليه السلام حينما اختصمت إليه امرأتان صغرى وكبرى:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَة) متفق عليه.

فحكم سليمان بالابن للصغرى لقرينة أنها قالت: هو ابنها، حيث أدركتها شفقت الأمومة.

وفي قصة يوسف - عليه السلام (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فالقرينة: أنه إذا قدّ من دبر، فإنه حاول أن يهرب ولكن تحاول الإمساك به، وإن كان قد من قبل فإنها تحاول أن تدافع عن نفسها.

ومن القرائن ما ذكره المصنف - رحمه الله -: أن تكون العين المدعى بها بيد أحدهما، فهي له بيمينه.

كما لو جاء رجل إلى زيد وقال له: هذه الساعة التي بيدكَ لي، فهنا القرينة تدل على أنها لزيد، لأن الساعة بيده، فيحلف زيد وتكون له.

ومثل: أن يتداعى اثنان مالاً لا يصلح إلا لأحدهما، كتنازع نجار ونحوه بآلة نجارته.

كما لو ادعى رجل ليس بنجار، على رجل آخر نجار، وقال: إن هذا المنشار [آلة لقطع الخشب] لي، وهو ليس بنجار، فهنا القرينة تدل على أن المنشار ليس له، لأنه ليس بنجار، فهنا يحكم القاضي بالآلة للنجار مع يمينه.

• وهذا إن لم يوجد لمن كانت العين بغير يده بيّنة، فإن وجدت له بينة فهي له، لأن البينة أقوى من القرينة، وإن لم توجد لكليهما بينة فالعين المتنازع عليها لمن هي بيده بيمينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>