م/ وأداؤها فرض عين.
أي: وأداء الشهادة - على من تحملها - عند القاضي فرض عين.
لقوله تعالى (ولا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)، [وإنما خص القلب بالإثم لأنه موضع العلم بها].
ولأن الشهادة أمانة فلزم أداؤها كسائر الأمانات.
ولأن امتناعه من أداء الأمانة التي تحملها قد يكون سبباً في ضياع الحقوق.
لكن بشرط أن يدعى إليها، فإن لم تطلب منه الشهادة فلا تجب، إلا في حالة واحدة وهي: إذا كان صاحب الحق لا يعلم عن هذه الشهادة، أو نسي البينة، ففي هذه الحال تتعين الشهادة.
مثاله: تبايع رجلان، وكان هناك رجل ثالث أو رابع يسمعان هذا العقد، ثم إنه حصل منازعة عند القاضي بين هذين المتبايعين، فهنا صاحب الحق لا يعلم بشهادة الشهود، فيجب عليهما أن يأتيا ويشهدا.
وكذلك لو أن صاحب الحق نسي الشاهد، فهنا يجب أن يأتي ويشهد.
إذاً: لا يجب أداء الشهادة إلا إذا دعي إليها كما سبق، لكن هل يستجب أن يأتي ويشهد بدون أن يدعى أم لا؟ اختلف العلماء:
القول الأول: أنه مذموم.
لحديث عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ). قَالَ عِمْرَانُ فَلَا أَدْرِى أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً «ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤتمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلَا يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ).
ولأن الذي يبادر للشهادة قبل أن يُسألها قد يتهم بأنه متحيزاً للمشهود له.
القول الثاني: أن ذلك محمود.
لحديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِى يَأْتِى بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا) رواه مسلم.
والصحيح التفصيل: إن كان المشهود له لا يعلم بالشهادة، فإن الشاهد يؤديها وإن لم يسألها، وإن كان المشهود له عالماً ذاكراً فإنه لا يشهد حتى تطلب منه الشهادة.
• ويحرم كتمان الشهادة.
لقوله تعالى (ولا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ).
وإنما خص القلب بالإثم لأنه موضع العلم بها.