م/ وَيَقْرَأُ مَعَهَا، فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْأُولَيَيْنِ مِنْ اَلرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ سُورَةً.
أي: يسن أن يقرأ مع الفاتحة سورة في الركعتين الأوليين من كل صلاة.
لحديث أبي قتادة قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة وسورة يطول الأولى ويقصر الثانية). متفق عليه
قال في المغني: "لا نعلم خلافاً أنه يسن قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة".
• قوله (سورة) فيه أن يستحب أن تكون السورة كاملة، وقد كره بعض العلماء قراءة مقدار من سورة طويلة.
والصحيح أنه لا بأس بذلك، لعموم قوله تعالى: (فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- للمسيء في صلاته: (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن).
ما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في راتبة الفجر في الركعة الأولى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ … البقرة) وفي الركعة الثانية (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ … آل عمران) وما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل.
• قوله (في الركعتين الأوليين) ظاهره أنه لا يقرأ في الركعة الثالثة والرابعة بعد الفاتحة شيئاً، وأنه يقتصر على الفاتحة.
وهذا يدل عليه حديث أبي قتادة الذي سبق وفيه: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب). متفق عليه
لكن جاء في حديث أبي سعيد عند مسلم قال: (كنا نَحْزُرُ قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر (ألم السجدة) وفي الأخريين قدر النصف من ذلك).
كنا نحزر: بفتح النون وسكون الحاء وضم الزاي، ومعناه نخرص ونقدر ونقيس.
فهذا يدل على أنه يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة في الركعتين الأخريين من الظهر، لأنه إذا كانت الركعة الثالثة قدر {١٥} آية فمعنى ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ سورة الفاتحة قدر ثمان آيات ويقرأ فيها أيضاً سورة مع الفاتحة قدر سبع آيات.
واختلف العلماء في الجمع بينه وبين حديث أبي قتادة السابق:
فمن العلماء من رجح حديث أبي قتادة على حديث أبي سعيد لأنه متفق عليه وحديث أبي سعيد في مسلم فقط.
ولأن حديث أبي قتادة جاء بصيغة الجزم، وحديث أبي سعيد قال (حزرنا قيامه) وفرق بين الجزم بالشيء وبين حزره وتقديره.
ومن العلماء من جمع بين الحديثين؛ وهو أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفعل هذا أحياناً ويفعل هذا أحياناً، وهذا الصحيح لأمرين:
أولاً: أن القاعدة في الأصول أنه متى أمكن الجمع بين الدليلين فهو أولى من الترجيح، لأن الجمع عمل بكلا الدليلين.
ثانياً: أن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، وقد تنوعت كثير من أقوالها وأفعالها، فيكون تنوع مقدار القراءة من هذا الباب.
• أن السورة التي بعد الفاتحة يفتتحها بالبسملة، ولا تغني بسملة الفاتحة.