للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

م/ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّمَا جُعِلَ اَلْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اَللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ اَلْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَهَذَا لَفْظُه. وَأَصْلُهُ فِي اَلصَّحِيحَيْنِ.

[ليؤتم به] أي يقتدي به، كما جاء عند البخاري: (فلا تختلفوا عليه) والمراد الاقتداء به بالأفعال الظاهرة لا النيات. [وسيأتي شرح ذلك]

[كبر فكبروا] أي بعد تكبيره، كما قال: (ولا تكبروا حتى يكبر). (لا نكبر قبله - أن نبادر بالتكبير بعده).

• الحديث فيه بيان الحكمة من الإمام، وهي الاقتداء به.

• قوله (ليؤتم به) اختلف في المراد: فقيل: ليقتدى به في الأفعال والنيات، وقيل: ليقتدى به في الأفعال الظاهرة دون النية، وهذا مذهب الشافعي. وهذا هو الصحيح.

أولاً: لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (فإذا ركعوا فاركعوا … ) فهذا تفسير من النبي -صلى الله عليه وسلم- للاقتداء.

ثانياً: أنه ثبت في وقائع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الاختلاف في النية بين الإمام والمأموم، ففي إحدى صيغ صلاة الخوف صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بطائفة ركعتين، ثم ذهبت، ثم جاءت الطائفة الأخرى التي لم تصلّ، فصلى بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا اختلاف بالنية.

• الحديث دليل على وجوب متابعة الإمام، والمأموم مع الإمام له حالات:

الأولى: المسابقة.

وهي أن يركع قبل إمامه، أو يسجد قبل إمامه، فهذه حرام بالاتفاق.

قال -صلى الله عليه وسلم-: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار). متفق عليه

قوله: (رأس حمار): قيل: يقع على الحقيقة. وقيل: يحتمل أمر معنوي كالبلادة، ورجحه ابن دقيق العيد، وقال: " ومما يرجح هذا المجاز بأن التحويل بالصورة لم يقع مع كثرة رفع المأمومين قبل الإمام ".

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود).

• فإن سبق إمامه إلى ركن من الأركان، كأن يركع قبله، أو يسجد قبله فالصحيح أن صلاته باطلة إن كان عامداً، وهذا اختيار ابن تيمية، فإن سبق ناسياً أو جاهلاً: فصلاته صحيحة، وعليه أن يرجع ليأتي به وبما بعده.

• أما المسابقة بالأقوال فلا يضر إلا بشيئين: بتكبيرة الإحرام مطلقاً، سواء كان عامداً أو ناسياً أو جاهلاً [فإن كبر قبل إمامه تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته] وكذلك التسليم (فإن كان عمداً بطلت صلاته، وإن لم يكن عمداً لم تبطل ويلزمه أن يسلم بعد إمامه).

الثانية: الموافقة. كأن يركع معه، أو يسجد معه، فإن وافقه بتكبيرة الإحرام لم تصح صلاته.

لأن الإمام لا يدخل في الصلاة إلا بعد تكبيرة الإحرام، فإن وافقته في التكبير، فإنك تكون دخلت مع إمام لم يكن إماماً حتى الآن، فتكون صلاته باطلة.

أما في غير تكبيرة الإحرام، كأن يركع معه، فهذه مكروهة عند الفقهاء.

ثالثاً: التخلف. أن يتأخر عن إمامه، كأن يركع الإمام وهو لا يزال واقف، حتى يرفع الإمام من الركوع، ثم يركع المأموم.

إن كان بعذر: كانقطاع مكبر الصوت، فإنه يأتي بما تخلف به ويتابع الإمام، إلا أن يصل الإمام إلى المكان الذي هو فيه، فإنه لا يأتي به، ويبقى مع الإمام، ويصبح له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>