م/ وقال -صلى الله عليه وسلم- (إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنها لكم نافلة) رواه أهل السنن.
ذكر المصنف - رحمه الله - حديث يَزِيدَ بْنِ اَلْأَسْوَدِ -رضي الله عنه- {أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلَاةَ اَلصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا، فَدَعَا بِهِمَا، فَجِيءَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا:"مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا? " قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ:"فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمْ، ثُمَّ أَدْرَكْتُمْ اَلْإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ، فَصَلِّيَا مَعَهُ، فَإِنَّهَا لَكُمْ نَافِلَةٌ"}. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ
[ترعد] أي ترتجف وترتعد. [فرائصهما] الفرائص جمع فريصة، وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف، تهتز عند الفزع والخوف. [رحالنا] الرحل هو المنزل الذي ينزله الإنسان [ولم يصلّ] أي لم ينتهي من الصلاة.
الحديث ذكره المصنف - رحمه الله - ليبين على أن من صلى في جماعة أو منفرداً، ثم دخل مسجد ووجدهم يصلون، فإنه يسن له أن يدخل معهم ويصلي، ويدل لذلك: ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأبي ذر حين أخبره عن الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال له:(صلّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتك الصلاة معهم فصلّ ولا تقل إني صليت فلا أصلي). رواه مسلم، والأمر في الحديث للاستحباب.
• قوله ( … فصليا معه … ) هذا يشمل جميع الصلوات: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء لعموم الحديث، لكن استثنى بعض العلماء صلاة المغرب، وقالوا: لا تعاد، وهذا مذهب المالكية والحنابلة، قالوا: لأن في إعادتها تصير شفعاً، وهي إنما شرعت لتوتر عدد ركعاتها اليوم والليلة، لكن هذا القول ضعيف، والصحيح أن المغرب تعاد كغيرها من الصلوات، وهذا المذهب عند الشافعية، لعموم حديث الباب، فإنه لم يفرق بين صلاة وصلاة.
وذهب بعض العلماء إلى أن الفجر والعصر لا تعاد، وهذا مذهب الحنفية، قالوا: لأن المعادة نافلة، والتنفل لا يجوز بعد الصبح والعصر، إذ هو وقت نهي لا يتنفل فيه، لذا لا تعادان، وهذا قول ضعيف، والصحيح الأخذ بعموم الحديث أن جميع الصلوات تعاد.