م/ ومن صلى فذاً ركعة خلف الصف لغير عذر أعاد صلاته.
أي أن من صلى فذاً (منفرداً) لوحده خلف الصف من غير عذر فصلاته باطلة.
وما ذهب إليه المصنف - رحمه الله - هو القول الصحيح في هذه المسألة التي اختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن صلاته باطلة سواء وجد فرجة أم لا.
وهذا مذهب الإمام أحمد، وبه قال إبراهيم النخعي، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق بن راهوية، وابن المنذر، وابن خزيمة. واستدلوا:
بحديث وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ] اَلْجُهَنِيِّ]-رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ اَلصَّفِّ وَحْدَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ اَلصَّلَاةَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ
وعن علي بن شيبان قال: (قدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصلينا خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما قضى رسول الله صلاته، إذا رجل فرد فوقف عليه نبي الله حتى قضى الرجل صلاته، ثم قال له نبي الله: استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف). رواه ابن حبان، وابن ماجه، قال البوصيري: إسناده صحيح.
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أمر الرجل أن يعيد الصلاة لم يستفصل هل وجد فرجة أم لا.
القول الثاني: تصح صلاته بعذر أو بغير عذر.
وهذا مذهب جماهير العلماء.
لحديث أنس قال (فصففت أنا واليتيم وراءه (أي النبي -صلى الله عليه وسلم- والعجوز من ورائنا)، فدل الحديث على صحة وقوف المرأة منفردة خلف صف الرجال، فإذا جاز للمرأة أن تقف خلف الصف وحدها، جاز للرجال كذلك.
ولحديث ابن عباس - الذي سيذكره المصنف بعد قليل - أنه وقف عن يسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مؤتماً به، فأداره من خلفه حتى جعله عن يمينه، فقد صار ابن عباس خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تلك الإدارة ولم يؤمر بالإعادة.
والراجح ما ذكره المصنف - رحمه الله - أن صلاته باطلة إلا إذا كان لعذر، كأن يجد الصفوف مكتملة ولم يجد مكاناً فإنه يصح في هذه الحالة، لأن الواجبات تسقط مع العجز.
ورجحه ابن تيمية وقال: "والأظهر صحة صلاته في هذا الموضع، لأن جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز "
وقال ابن القيم: "إن الرجل إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه، وتعذر عليه الدخول في الصف، ووقف فذاً صحت صلاته للحاجة، وهذا هو القياس المحض، فإن واجبات الصلاة تسقط بالعجز عنها".
واختاره الشيخ السعدي، وقال: " وهذا القول هو الموافق لأصول الشريعة وقواعدها ".
• والصحيح أنه لا يشرع أن يسحب أحداً من الصف لأمور:
١. أن الحديث الذي فيه الأمر لمن لم يجد فرجة أن يسحب أحداً، حديث ضعيف لا يصح.
٢. ظلم للرجل المجذوب.
٣. قطع الصف، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قطع صفاً قطعه الله).
٤. التشويش على الصف.
• وقوله (ركعة) فيه أن الفذية تكون إذا رفع الإمام رأسه من الركوع، ولم يدخل مع هذا الفذ أحد، فإن دخل معه أحد قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد زالت فذيته.