. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلْبُخَارِيِّ: (ثُمَّ هَاجَرَ، فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ عَلَى اَلْأَوَّلِ) فهذا يدل على أن صلاة السفر مفروضة ركعتين.
قال الشوكاني: "وهو دليل ناهض على الوجوب، لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين، لم يجز الزيادة عليها، كما أنها لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر ".
ولحديث يعلى ابن أمية السابق، وفيه: (صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته) فقوله: (فاقبلوا) هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: "إن القصر سنة، والإتمام مكروه، لأنه خلاف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الدائم".
قال ابن تيمية: "المسلمون نقلوا بالتواتر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصلّ في السفر إلا ركعتين، ولم ينقل عنه أحد أنه صلى أربعاً قط ".
• إذا علمنا أن القصر مشروع كما سبق، فهناك حالات يتم بها المسافر:
الحالة الأولى: إذا ذكر صلاة حضر في سفر.
مثال: رجل مسافر، وفي أثناء السفر تذكر أنه صلى الظهر في بلده من غير وضوء، فإنه يجب أن يعيدها أربعاً.
قال ابن قدامة: "بالإجماع حكاه الإمام أحمد، وابن المنذر، لأن الصلاة تعين عليه فعلها أربعاً، فلم يجز له النقصان من عددها".
الحالة الثانية: إذا صلى المسافر خلف المقيم.
قال ابن قدامة: "المسافر متى ائتم بمقيم وجب عليه الإتمام، سواء أدرك جميع الصلاة أو ركعة، أو أقل".
لما روي عن ابن عباس: (أنه قيل له: ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الانفراد، وأربعاً إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة). رواه أحمد، وأصله في مسلم بلفظ: (كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصلِّ مع الإمام، فقال: ركعتين، سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-، وهذا اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وذهب بعض العلماء إلى أن المسافر إذا أدرك من صلاة المقيم ركعتين يجزيان.
الحالة الثالثة: إذا نوى الإقامة أكثر من أربع أيام، (وهذه مسألة خلافية) فأكثر العلماء إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر انقطع ترخصه.
وهذا مذهب جماهير العلماء، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة، ورجحه الشيخ ابن باز رحمه الله.
لحديث أنس، حيث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة، فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلى الصبح في يوم الثامن ثم خرج إلى منى.
قالوا: فيجوز لمن كانت إقامته كإقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقصر الصلاة، وقالوا: وإقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأبطح في عام حجة الوداع معلومة البداية والنهاية.
وعلى هذا القول: لو سافر شخص للرياض وهو ينوي أن يجلس أسبوعاً، فإنه لا يقصر ولا يترخص برخص السفر.
وذهب بعض العلماء: أن مرجع ذلك إلى العرف، فإنه يقصر ولو طالت المدة ما لم يجمع الإقامة.
ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: "للمسافر القصر والفطر ما لم يجمع على الإقامة والاستيطان، والتمييز بين المقيم والمسافر بنية أيام معلومة يقيمها ليس هو أمراً معلوماً لا بشرع ولا عرف".
ورجح هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ولا شك أن قول الجمهور أحوط وأبرأ للذمة.