للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مسألة:

أن المسافر إذا أقام ولا يعرف متى ينقضي عمله، فإنه يقصر ولو طالت المدة، وهذا مذهب جماهير العلماء

فقد (أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسع عشرة يقصر الصلاة) رواه البخاري عن ابن عباس. (وأقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة) رواه أحمد وأبو داود.

وعن نافع قال: (أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين، وقد حال الثلج بينه وبين الدخول). رواه البيهقي

وعن علي قال: (إن قلت أخرج اليوم أو غداً، فأصلي ركعتين). رواه عبد الرزاق

ولأن ذلك لا يعد لبثاً.

وعليه نقول: أنه يصح لمن سافر وهو لا ينوي الإقامة أصلاً، ثم اقتضت أحواله أن يقيم إقامة غير محدودة النهاية، أن له الفطر ما أقام أبداً، كما هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في تبوك، وعام الفتح، فإنها تعتبر إقامة طارئة، وغير مقصودة من قبل، بل اقتضتها مصالح الجهاد، ومتطلبات الفتح، فهي إقامة غير معلومة البداية وغير محددة النهاية، ولأن هذا السفر من أجل الجهاد ومنازلة الأعداء والكر والفر (فلا تعارض بينها وبين ما ورد في حجة الوداع، فإنها إقامة مقصودة قاطعة للسفر).

• وقوله (يسن له) أي المسافر، وفي هذا دليل ليس للقصر إلا سبب واحد وهو السفر:

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "القصر ليس له إلا سبب واحد فقط وهو السفر، فغير المسافر لا يقصر، حتى المريض مرضاً شديداً لا يمكن أن يقصر إلا إذا كان في غير بلده".

• ويقصر المسافر إذا خرج من بنيان بلده.

لقوله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) ولا يكون ضارباً في الأرض حتى يخرج، وقبل مفارقته لا يكون ضارباً فيها.

ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يقصر إذا ارتحل.

قال أنس: (صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الظهر بالمدينة أربعاً، وبذي الحليفة ركعتين). متفق عليه

ولحديث أَنَسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَال أَوْ فَرَاسِخَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ قال النووي: " وأما حديث أنس فليس معناه أن غاية سفره كانت ثلاثة أميال، بل معناه أنه كان إذا سافر سفراً طويلاً فتباعد ثلاثة أميال قصر ".

فهذا دليل على أنه لا يجوز القصر حتى يفارق بنيان بلده.

وهذا مذهب جماهير العلماء: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد.

• من شروط القصر أن يقطع المسافر المسافة التي يعتبر بها مسافراً، واختلف العلماء في المسافة التي يعتبر بها المسافر إذا قطعها مسافراً على أقوال:

القول الأول: أن أقل مسافة للقصر هي مرحلتان لسير الإبل المحملة. [أربعة برد، تقريباً ٨٣ كيلو]

وهذا مذهب الأكثر، فهذا مذهب أحمد والشافعي ومالك وإسحاق وأبو ثور.

لحديث ابن عباس حديث الباب: (يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة برد) رواه الدارقطني وهو ضعيف.

وعن عطاء بن أبي رباح: (أن ابن عمر وابن عباس كان يصليان ركعتين، ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك). رواه البيهقي، قال النووي: " بإسناد صحيح ". وذكره البخاري في صحيحه معلقاً ".

<<  <  ج: ص:  >  >>