م/ ويجوز الاقتصار على واحد منهم لقوله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ (فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) متفق عليه.
أي: أنه يجوز أن يدفع الزكاة لصنف واحد من هؤلاء الثمانية ولا يجب أن يعممهم، وهذا القول هو الصحيح من أقوال أهل العلم.
للحديث الذي ذكره المصنف ( … صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) والفقراء صنف واحد من الأصناف الثمانية.
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أمر بني زُرَيْق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر) رواه ابن خزيمة.
وقال -صلى الله عليه وسلم- لقَبِيصة (أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها) رواه مسلم.
وذهب الشافعية إلى أنه يجب التعميم وإعطاء كل صنف من الأصناف الثمانية الثمن من الزكاة المجتمعة، واستدلوا بالآية (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ … ). والصحيح القول الأول.
مسائل مهمة:
• يجب أخراج الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها.
لأن الله أمر بإيتاء الزكاة، والأمر يقتضي الفور، وأيضاً فإن حاجة الفقراء ناجزة، وحقهم في الزكاة ثابت، فيكون تأخيرها عنهم منعاً لحقهم في وقته.
• هناك حالات يجوز فيها تأخير الزكاة عن وقت وجوبها، وهذه الحالات:
أولاً: إذا كان في تأخير إخراجها مصلحة للفقير، مثال: أكثر الناس يخرجون زكاتهم في شهر رمضان رغبة في حصول الأجر، لكن في بعض الأيام الأخرى كأيام الشتاء التي لا توافق رمضان قد يكون الفقراء أشد حاجة، فلو أخرها المزكي إلى هذا الوقت جاز ذلك، لأن في ذلك مصلحة لمستحقيها.
ثانياً: أن لا يتمكن من إخراجها عند حلول الحول، كأن يكون هذا المال في ذمة موسر.
ثالثاً: إذا كان يتضرر بإخراجها في وقتها، كأن يخشى أن يرجع عليه الساعي مرة أخرى، أو يكون المزكي بين قوم لصوص ويخشى على نفسه وماله وعياله إن أخرجها نظروا إليه فيعلمون أن معه مالاً فيسطون عليه، فهنا يجوز له تأخيرها إلى حين زوال الضرر.
• فإن أخر الزكاة عن وقت الوجوب فتلفت فله حالتان:
الحالة الأولى: إن أخرها ثم تلف المال بسبب تفريطه أو بتعدٍ منه على المال فهنا لا تسقط الزكاة.
الحالة الثانية: وإن أخرها ثم تلف المال من غير تعد ولا تفريط منه فإنها تسقط عنه.
• إن تلف المال قبل وقت الوجوب سقطت الزكاة.
• يجوز تعجيل الزكاة إذا كمل النصاب.
لحديث علي (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تعجل من العباس صدقة سنتين). وهذا قول الجمهور.
ولأن في تعجيل الزكاة مصلحة لأهلها، وتأخيرها إلى حلول الحول من باب الرفق بالمالك، فإن أداها قبل تمام الحول عن رضا منه فلا مانع.
واختلف في التعجيل: فقيل: لا يجوز تعجيلها أكثر من عام، وقيل: يجوز لعامين وهذا الصحيح.
• فإن عجل إخراج زكاته فأعطاها لغير مستحقيها لم يجزئه ولو صار عند الوجوب من أهلها.
لأنه وقت الدفع ليس مستحقاً لها.
• وإن تعجل إخراج زكاته فأعطاها لمستحقها [لفقير أو مسكين]، ثم مات بعد أن قبضها أو استغنى بعد أن قبضها فإنها تجزئ، لأنه أداها إليه وهو من أهلها (فالعبرة بحال الإعطاء).