م/ وقال -صلى الله عليه وسلم- (لَا تُشَدُّ اَلرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ اَلْأَقْصَى) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ذكر المصنف - رحمه الله - حديث (لَا تُشَدُّ اَلرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ … ) ليستدل به على أنه يجوز شد الرحل لأحد هذه المساجد للصلاة بها أو للاعتكاف.
[لا تشد] تشد بضم الدال [الرحال [جمع رحل وهو للبعير كالسرج للفرس، وشده كناية عن السفر، لأنه لازمه غالباً. [الأقصى] سمي بذلك لبعده عن المسجد الحرام في المسافة، وقال الزمخشري: سمي أقصى لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد.
• الحديث دليل على استحباب شد الرحال والسفر لقصد هذه المساجد الثلاثة، المسجد الحرام _ والمسجد النبوي _ والمسجد الأقصى.
والمصنف - رحمه الله - ذكر هذا الحديث في باب الاعتكاف ليستدل به على أنه يجوز أن يرحل الإنسان ويشد رحله ويسافر ليعتكف في أحد هذه المساجد الثلاثة دون غيرها، فلو قال: أنا هذا العام سأعكتف بالمسجد الحرام، فإن هذا جائز ولا بأس، لأنه يجوز شد الرحل لهذه المساجد الثلاثة.
وهذه المساجد الثلاثة تتميز بمزايا:
أولاً: استحباب شد الرحال والسفر إليها للعبادة فيها [كما في الحديث الذي ذكره المصنف] وبالنسبة للمسجد الحرام فالسفر له واجب وغيره مستحب، قال ابن القيم: "وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها، والطواف بالبيت الذي فيه غيرها".
ثانياً: أن هذه المساجد أفضل البقاع.
ثالثاً: مضاعفة الصلاة فيها، فالمسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والمسجد النبوي بألف صلاة، والمسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وقيل: بمائتين وخمسين صلاة.
رابعاً: أن هذه المساجد بناها أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
فالكعبة المشرفة بناها إبراهيم وإسماعيل، والمسجد الأقصى بناه يعقوب، ومسجد المدينة بناه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ولكل مسجد فضائل خاصة نذكرها إن شاء الله في موضعها.
• تحريم شد الرحال لغير هذه المساجد الثلاثة.