م/ فَقَدِمَ اَلْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَيَعْمَلُ مِثْلَهُ فَخَرَجْنَا مَعَهُ.
أي أن حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت في السنة العاشرة، وتسمى (حجة الوداع) وسميت بذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ودع فيها الناس.
• قوله (فقدم المدينة بشر كثير) ذكر بعض أهل السير: أن الذين قدموا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته نحو من مائة وعشرين ألفاً.
• قوله (فخرجنا معه) كان خروجه من المدينة في الخامس والعشرين من ذي القعدة في يوم السبت، وقدم مكة يوم الأحد رابع ذي الحجة، فيكون -صلى الله عليه وسلم- مكث في الطريق ثمان ليال.
• وفي هذا دليل على حرص الصحابة على العلم بأفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- لاتباعه والتأسي به -عليه السلام-، ويستفاد من ذلك الحث على صحبة أهل العلم والفضل في الأسفار ولا سيما في الحج، لما في ذلك من الخير الكثير من الاستفادة من علمهم وأخلاقهم، إضافة إلى حفظ الوقت وصرفه فيما ينفع ويفيد.
• وفي هذا دليل على أن الحج على الفور، ولذلك الصحابة بادروا ولم يؤخروا الحج إلى قابل، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان المستطيع أن يتهاون به.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا) وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (من أراد الحج فليعجل، فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة، وتكون الحاجة) رواه أحمد وصححه الألباني.
وقد قال تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم … ).
وذهب بعض العلماء إلى أن الحج على التراخي وليس على الفور وقالوا: إن الحج فرض في السنة السادسة ولم يحج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا في السنة العاشرة، لكن هذا القول ضعيف، والحج إنما فرض في السنة التاسعة وحج النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة العاشرة لوجود المشركين في السنة التاسعة ولانشغاله بالوفود في هذه السنة كما تقدم.