للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

م/ حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ.

ذو الحليْفة: هو ميقات أهل المدينة، وهو من المواقيت المكانية.

وأهل العلم يقسمون المواقيت إلى قسمين: مواقيت مكانية، ومواقيت زمانية.

المواقيت المكانية: هي الأماكن التي يحرم منها الحاج. وقد بيّنها النبي -صلى الله عليه وسلم-.

عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَّتَ لِأَهْلِ اَلْمَدِينَةِ: ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ اَلشَّامِ: اَلْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ اَلْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اَلْيَمَنِ: يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[وقت] حدد. [ذا الحليفة] مكان معروف بينه وبين مكة مائتا ميل غير ميلين. قال النووي: وهي أبعد المواقيت من مكة، بينهما نحو عشر مراحل، وهي قريبة من المدينة. [الجحفة] قال الحافظ: هي قرية خربة بينها وبين مكة خمس مراحل أو ستة ". قال النووي: سميت بذلك لأن السيل اجتحفها.

[يلملم] وهو جبل من جبال تهامة على مرحلتين من مكة. [قرن المنازل] على نحو مرحلتين من مكة، وهو أقرب المواقيت إلى مكة.

قال ابن قدامة بعد ما ذكر المواقيت: أجمع أهل العلم على أربعة منها، وهي: ذو الحليفة، وقرن، والجحفة ويلملم واتفق أئمة النقل على صحة الحديث عن رسول الله فيها … ثم قال: فأما ذات عرق فميقات أهل المشرق في قول أكثر أهل العلم.

وقد اختلف فيمن وقت ذات عرق؟

فقيل: الذي وقته رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَّتَ لِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

وهو حديث ضعيف أنكره أحمد واعتبره من منكرات أفلح بن حميْد، وقال ابن خزيمة: قد روي أخبار في ذات عرق أنه ميقات أهل العراق، ولا يثبت عند أهل الحديث منها شيء.

وقيل: الذي وقته عمر.

لحديث ابن عمر قال: (لما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حد لأهل نجد قرناً، وإنه جور عن طريقنا إن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، قال: فحد له ذات عرق). رواه البخاري

ولو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي حدده لاشتهر ذلك كما اشتهر تحديد المواقيت الأخرى، وأيضاً لو وقع تحديدها لما احتاج عمر إلى تحديدها لأهل العراق.

وقيل: وقته عمر والنص لم يبلغه فجاء على وفق توقيته.

وعمر معروف بموافقاته الكثيرة.

والقول الثاني أصح.

• يجب الإحرام من هذه المواقيت لمن أراد الحج أو العمرة ويحرم عليه أن يتعداها.

<<  <  ج: ص:  >  >>