وفيها مصلحة للطرفين: أما المدين فيخفف عنه من دينه، وأما صاحب الدين فيأخذ حقه قبل وقته، والشارع له تطلع إلى براءة ذمم المكلفين من الديون.
القول الثاني: أن ذلك لا يصح.
وهذا مذهب المالكية والشافعية والظاهرية.
لحديث المقداد بن الأسود (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له - لما وضع عن رجل دينه وتعجّله - أكلتَ ربا يا مقداد وأطعمته) أخرجه البيهقي وهو ضعيف جداً.
قالوا: قياساً على تأجيل الدين الحال مقابل الزيادة عليه بجامع الاعتياض عن الأجل في كل منهما، لأنه إذا تعجل البعض وأسقط الباقي فقد باع الأجل بالقدر الذي أسقطه.
والقول الأول هو الراجح.
قال ابن القيم: هذا - أي الوضع من الدين للتعجيل - عكس الربا، فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل، وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل، فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل، فانتفع به كل واحد منهما، ولم يكن هنا رباً لا حقيقة ولا لغة ولا عرفاً.
• النوع الثاني: الصلح على إنكار.
أن يدعي شخص على آخر ديناً أو عيناً فينكر المدعَى عليه ثم يتصالحان على شيء معين. فهي في حق المدعِي في حكم البيع، لأنه يأخذ المال عوضاً عن حقه، وفي حق المدعى عليه إبراء. لأنه يدفع هذا العوَض من أجل قطع الخصومة والنزاع وافتداء ليمينه.
مثال: ادعى محمد على إبراهيم أن الأرض التي بيد ابراهيم له، فقال ابراهيم: ليس لك (أنكر أن يكون له) لكن من أجل ألا يرفع الأمر إلى المحاكم وخوفاً من اليمين وقطعاً للخصومة قال: خذ هذه ٥٠٠٠ آلاف لك، فتصالحا على ذلك، فهذا في حق محمد بيع وفي حق إبراهيم إبراء.
-قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لكن الصلح في هذه المسألة في حق الكاذب منهما غير صحيح، وتصرفه في العوض الذي أخذه تصرف باطل، وحسابه على الله، ولا يحل له ما اصطلحا عليه، لأنه مبطل، أما في الدنيا فالصلح صحيح.