م/ وَلَا يَمْسَحَهُمَا إِلَّا فِي اَلْحَدَثِ اَلْأَصْغَرِ.
هذا هو الشرط الثالث من شروط المسح على الخفين، وهو أن المسح على الخفين خاص بالوضوء دون الغسل.
قال ابن قدامة: " لا يجزئ المسح في جنابة ولا غسل واجب ولا مستحب لا نعلم فيه خلافاً ".
قال الحافظ ابن حجر: " المسح على الخفين خاص بالوضوء لا مدخل للغسل فيه بإجماع ".
لحديث صفوان بن عسال قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم). رواه الترمذي
ولحديث أنس الذي ذكره المؤلف.
• هذه الشروط التي ذكرها المؤلف متفق عليها بين العلماء، وهناك شروط مختلف فيها:
فمنها: اشترط بعض الفقهاء أن يثبت الخف بنفسه، فإن كان لا يثبت إلا بشده فلا يجوز المسح عليه.
فلو لبس شراباً واسعاً، واحتاج إلى شده على الرِّجل وإلا سقط مع المشي لم يمسح عليه.
لكن الصواب أنه يمسح عليه، لأن اشتراط ثبوته بنفسه لا دليل عليه، فالنصوص الواردة في المسح على الخفين مطلقة، فإذا كان ينتفع به ويمشي؛ فلماذا لا يمسح عليه؟
ومنها: اشتراط أن يكون ساتراً لمحل الفرض (القدم) فلا يجوز المسح على مخرق أو شفاف.
قالوا: لأنه غير ساتر للقدم.
ولأن المنكشف من الرجل حكمه الغسل، والمستور حكمه المسح، والجمع بين المسح والغسل لا يجوز.
لكن الصحيح أن هذا ليس بشرط، وأنه يصح المسح على الخف المخرق والذي فيه شقوق ما دام يمكن متابعة المشي فيها، ويدل لذلك:
أولاً: أن نصوص المسح على الخفين مطلقة غير مقيدة بمثل هذه القيود، وما أطلقه الله ورسوله فليس لأحد تقييده.
ثانياً: أن الحكمة من مشروعية المسح التيسير على الناس ورفع الحرج، وذكر مثل هذه الشروط قد يضيق عليهم، ولا سيما المسافر إذا انخرق خفه، ولا يمكنه إصلاحه في السفر، فلو لم يجز المسح عليه لم يحصل مقصود الرخصة.
ثالثاً: أن أكثر الصحابة فقراء، وغالب الفقراء لا تخلوا خفافهم من شق وفتق، ولا سيما في الأسفار، فإذا كان هذا غالباً في الصحابة ولم يبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم دل على أنه ليس بشرط.
قال سفيان الثوري: "امسح عليهما ما تعلقت به رجلك، وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة". رواه عبد الرزاق
وهذا القول اختيار ابن تيمية.