م/ فإن علق عتقه بموته فهو المدبّر، يعتق بموته إذا خرج من الثلث، عَنْ جَابِر (أَنَّ رَجُلًا مِنْ اَلْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي? " فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَاحْتَاجَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ (وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَبَاعَهُ بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ وَقَالَ (اِقْضِ دَيْنَكَ).
ذكر المصنف - رحمه الله - المدبر، وعرفه بقوله: إذا علق عتقه بالموت.
أن يقول لرقيقه: أنت حر بعد موتي، فهذا هو المدبَّر، فعتقه معلق بالموت، فلا يعتق إلا إذا مات مدبِّرُه.
وسمي تعليق العتق بالموت تدبيراً، لأمرين:
أولاً: لأن الرقيق يعتق بعدما يُدْبِر سيده، أي يموت.
ثانياً: أو لأن فاعله دبّر أمر دنياه (لأنه استفاد من هذا العبد في حال الحياة بالخدمة) ودبر أمر آخرته
(لأنه لما جعل عتقه بعد موته حصل له ثواب العتق).
ثم ذكر المصنف - رحمه الله - حديث جابر، لأن فيه بعض أحكام المدبر:
عَنْ جَابِر (أَنَّ رَجُلًا مِنْ اَلْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي? " فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَاحْتَاجَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ (وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَبَاعَهُ بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ وَقَالَ (اِقْضِ دَيْنَكَ).
[غلاماً له] أي عبداً رقيقاً له. [عن دبر] أعتقه بعد موته.
• الحديث دليل على مشروعية التدبير وهو عتق العبد بالموت وعلى صحته.
• اختلف العلماء في التدبير هل يكون من الثلث أو من رأس المال؟ الجمهور قالوا: يحسب عتقه من الثلث قياساً على الوصية، بجامع النفوذ بعد الموت.
• الحديث دليل على جواز بيع العبد المدبر قبل موت سيده، لكن ظاهر الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- باع هذا العبد لما علم حاجة صاحبه.
والقول: أن العبد المدبر لا يباع إلا من حاجة هو قول الحسن وجماعة.
وقيل: يجوز بيعه مطلقاً سواء كان لحاجة أو لغير حاجة وهذا قول الشافعي.
لأنه شبيه بالوصية، ومن المعلوم أن الموصي يجوز له الرجوع بالوصية في حياته.
وقيل: لا يجوز بيع المدبر، وهذا قول ابن عمر وسعيد بن المسيب وهو قول أبي حنيفة ومالك.
لعموم (أوفوا بالعقود) وهذا عقد بينه وبين رقيقه في أنه يعتق بعد موته.
وقالوا: لأن المدبر استحق العتق بموت سيده فصار شبيهاً بأم الولد. والراجح القول بالجواز.
• الحديث دليل على أنه ينبغي لمن ليس عنده سعة في الرزق وأموره ضيقة أن يهتم بنفسه أولاً وبمن يعول.