م/ وفي الحديث (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء).
ذكر المصنف - رحمه الله - حديث ابن مسعود (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء). ليستدل به على استحباب النكاح والحث عليه.
[الشباب] خص الشباب لأن الشباب هم مظنة الشهوة والرغبة في الزواج فلهذا خصهم بالذكر. [من استطاع] أي من قدر. [الباءة] اختلف في المراد بها هنا: فقيل: القدرة على الوطء. وقيل: القدرة على مؤن النكاح، وهو الصحيح لأمور ثلاثة:
أولاً: أن الخطاب إنما جاء للقادر على الجماع وهم الشباب أصلاً.
ثانياً: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال في آخر الحديث (ومن لم يستطع فعليه بالصوم) لو فسرنا الباءة بالجماع يصير المعنى: ومن لم يستطع الجماع فعليه بالصوم ولا ريب أن الذي لا يستطيع الجماع لا معنى لكونه يؤمر بالصوم، ثالثاً: جاء في رواية عند النسائي (من كان ذا طول فليتزوج).
[فإنه] أي الزواج. [أغض للبصر] أي أن المتزوج أغض بصراً وأحصن فرجاً ممن لم يتزوج. [وأحصن للفرج] يعني أدعى إلى إحصان الفرج وإحصان الفرج منعه من الوقع في المحظور. [ومن لم يستطع] أي الباءة المذكورة في أول الحديث. [له وجاء] له: يعني الصوم، والوجاء: هو رض
الخصيتين، بحجر أو نحوه، لكنها إذا رضت العروق ضعفت الشهوة لأن الخصيتين هما اللتان تهيجان الشهوة لأنهما هما اللتان تصلحان المني فتزداد الشهوة وتقوى.
• الحديث يدل على مشروعية النكاح والحث عليه، واختلف في وجوبه عندما تتوفر الدواعي وتنتفي الموانع على قولين:
فقال بعض العلماء: إنه واجب.
وهو قول أهل الظاهر، كابن حزم وداود الظاهري.
قال تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) قالوا هذا أمر.
وقال تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ) هذا أمر.
ولحديث الباب: (يا معشر الشباب .... فليتزوج) وهذا أمر ولا يوجد صارف يصرفه.
القول الثاني: أنه سنة مؤكدة غير واجب.
وهو مذهب جماهير العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة، قال في المغني: وهو قول عامة الفقهاء.