للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

و استدلوا بحديث الباب.

وجه الاستدلال: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقام الصوم مقام الزواج، ومعلوم أن الصوم ليس بواجب، فدل على أن الزواج غير واجب، لأن القاعدة أن غير الواجب لا يقوم مقام الواجب، لأنه إذا قام مقام الواجب يصير واجباً.

والقول الأول قول قوي. [لكن أصحاب القول الثاني - وهم الجمهور - يقولون: إذا خاف على نفسه الزنا فإنه يجب النكاح].

ولهذا قال بعض العلماء: أن النكاح تجري فيه الأحكام الخمسة:

أولاً: مستحب، وهذا هو الأصل.

ثانياً: واجب، على من خاف الزنا بتركه، لأن ترك الزنا واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ثالثاً: مكروه، إذا كان فقيراً لا شهوة له، لأنه سوف يرهق نفسه بالنفقات وليس لديه شهوة.

رابعاً: مباح، إذا كان غنياً لا شهوة له، لأنه قادر على الإنفاق، فهو قد ينفع المرأة بالإنفاق عليها.

خامساً: حرام، وذلك فيما إذا كان بدار حرب، لأنه قد يؤدي إلى أن يكون له أولاد، فيقتل أولاده أو يخطفون - ويحرم أيضاً إذا أراد أن يتزوج ثانية وهو يعلم أنه غير قادر على العدل.

• استدل بحديث الباب على تحريم الاستمناء.

هذه العادة قديمة معروفة في الجاهلية قبل الإسلام، فقد كانوا يجلدون عُمَيْرَة إذا خلوا بواد لا أنيس به.

كما قال الشاعر:

إذا ما خلوتَ بوادٍ لا أنيسَ به فاجْلدْ عُمَيْرةَ لا عيبٌ ولا حرجُ

وعميرة كناية عن الذكر.

ومعنى الاستمناء: هو استدعاء خروج المني بغير جماع، سواء كان باليد أو بغيرها.

وقد اختلف العلماء في حكمه:

القول الأول: أنه حرام.

وهذا مذهب جماهير العلماء.

لقوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُون).

فأوجب الله على المسلم أن يحفظ فرجه إلا من زوجته أو ما ملكت يمينه، فإذا تجاوز زوجته وملك يمينه إلى غيرهما فإنه من العادين.

ولحديث الباب، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بالصيام، ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومن الأدلة: أن الله سبحانه وتعالى أباح للصحابة المتعة في أول الأمر، ثم نسخت بعد، وسبب إباحتها ما لقوه من شدة العزوبة في أسفارهم، وقد جعلها الله حلاً مؤقتاً لدفع حاجتهم، ولو كان الاستمناء مباحاً لبينه لهم، وهو أيسر وأقل مؤونة وأثراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>