م/ وإذا وقع في قلبه خطبة امرأة فله أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها.
أي: إذا رغب أحدكم بامرأة فله رؤيتها.
• قوله (فله) يحتمل أن تكون اللام للإباحة ويحتمل أن تكون للاستحباب، وهذا هو الراجح.
لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنِّى تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- (هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِى عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئاً». قَالَ قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا) رواه مسلم.
وفي رواية (فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِى أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئاً).
[فإن في أعين الأنصار شيئاً] اختلف في المراد بقوله (شيئاً) فقيل: عمش، وقيل: صغر، قال الحافظ: الثاني وقع في رواية أبي عوانة في مستخرجه، فهو المعتمد.
ولحديث جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها). رواه أبو داود
وعن المغيرة بن شعبة قال: (أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت له امرأة خطبتها، فقال: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما). رواه الترمذي.
فهذه الأحاديث دليل على استحباب النظر إلى المخطوبة لقوله (فاذهب فانظر إليها).
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علل الحكم بعلة تدل على الطلب وهي قوله (فإنه أحرى أن يُؤدم بينكما).
قال النووي: وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء.
• متى يكون النظر؟ يكون قبل الخِطبة، من أجل أن يُقدِمَ أو يحجِم، ولا يكون بعد الخطبة، لأنه لو خطب امرأة ثم نظر إليها ولم تعجبه وتركها، فهذا يؤثر عليه وعليها.
• لكن اختلف العلماء ما الذي يباح للخاطب أن يرى من مخطوبته؟
فقيل: ينظر إلى الوجه والكفين فقط.
وهذا مذهب الشافعي.
قال النووي: ثم إنه يباح النظر إلى وجهها وكفيها فقط، لأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده، وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها.
وقيل: ينظر إلى جميع بدنها.
وهو قول داود.
وقيل: ينظر إلى ما يظهر غالباً، كالوجه واليدين والرأس والرقبة والقدمين.
ورجح هذا القول الألباني، وهو الصحيح.
• لا يشترط رضا المخطوبة في النظر، وهذا مذهب جمهور العلماء، ينظر إليها ولو لم ترض.