م/ ولابد فيه من الولي، قال -صلى الله عليه وسلم- (لا نكاح إلى بولي) حديث صحيح، رواه الخمسة.
هذا الشرط الثاني من شروط النكاح وهو الولي (وهو من يتولى أمر المرأة)، وهذا مذهب جمهور العلماء، وأنه لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها.
والأدلة على شرطية الولي كثيرة.
قال تعالى (فَلا تَعْضُلُوهُن) فقد جاء في سبب نزولها ما رواه البخاري عن معقل بن يسار أنها نزلت فيه، قال: (زوجت أختاً لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبداً، وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: ( … فَلا تَعْضُلُوهُنّ) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: (فزوجها إياه).
قال الحافظ ابن حجر في شأن هذه الآية: وهي أصرح دليل على اعتبار الولي، وإلا لما كان لرفضه معنى، ولأنها لو كان لها أن تزوج نفسها لم تحتج إلى أخيها.
وقال تعالى (ولا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا .. ) فالذي يُنكح هو الولي، فالخطاب للأولياء.
وكذلك قول الشيخ الكبير لموسى (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ).
وعن أبي موسى الأشعري. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا نكاح إلا بولي) رواه أبوداود.
وعن عائشة. قالت. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أيما امرأة نُكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) رواه أبوداود
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لا تزوج المرأة نفسها) رواه ابن ماجه.
وقول عمر لعثمان - بعد أن تأيمت حفصة - (إن شئت أنكحتك حفصة) رواه البخاري.
• وذهب بعض العلماء وهو مذهب الحنفية إلى أنه لا يشترط الولي، قالوا: قياساً على البيع.
والصحيح مذهب الجمهور، ويرجح ذلك عدة أمور:
أولاً: أن اشتراط الولي فيه صيانة للمرأة عما يشعر في وقاحتها وميلها إلى الرجال.
ثانياً: أن الرجال أقدر من النساء على البحث عن أحوال الخاطب، فإن المرأة قاصرة في فعلها وفي اختيارها، فقد لا توفق للرجل الكفء.
ثالثاً: أن اشتراط الولي فيه مزيد إعلان للنكاح.
رابعاً: أن ارتباط المرأة بالرجل الذي تختاره، ليس شأناً خاصاً بها، وإنما يهم الموضوع أباها وأخاها بل والأسرة بأكملها.