ذكر المصنف - رحمه الله - حديث (العرب بعضهم أكفاء بعضهم) ليستدل به على اعتبار الكفاءة في النسب، لكن الحديث لا يصح بل هو ضعيف جداً، والمعنى الذي دل عليه الحديث غير صحيح، بل الصحيح أن الكفاءة في النسب ليست شرطاً وكذلك الكفاءة في الصنعة وفي اليسار.
عن أبي هريرة. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه، وكان حجاماً) رواه أبوداود
[بني بياضة] بطن من بطون الخزرج، إحدى قبيلتي الأنصار، [أنكحوا] أي: زوجوه بناتكم. [أبا هند] مولى فروة بن عمرو، واسمه عبد الله وكان حجاماً حجم النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في رواية عند أبي داود. [وانكحوا له] أي: اخطبوا إليه بناته ولا تخرجوه منكم بسبب مهنة الحجامة.
فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه القبيلة، وهي القبيلة القحطانية الأزدية العربية أن ينكحوا أبا هند، وهو أحد موالي بني بياضة المذكورين، وكان حجاماً والحجامة عند العرب صناعة دنيئة.
وعن فاطمة بنت قيس. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها (أنكحي أسامة بن زيد) متفق عليه وكان مولى، فهو غير كفؤاً لها، لأنها قرشية وهو قد مسه الرق.
فالصواب من أقوال أهل العلم ما ذهب إليه الإمام مالك، واختار ذلك ابن عبد البر، وابن تيمية وابن القيم، وهو أن المعتبر في الكفاءة هو الدين، وليس النسب، فكل مسلم يعتبر كفؤاً للمسلمة إلا إذا كان فاسقاً.