للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأصل فيه قوله تعالى (وإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).

ذكر المصنف - رحمه الله - الدليل على إباحة الخلع وهي قوله تعالى (وإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)

(وإِنْ خِفْتُمْ) الخطاب في الآية لذوي السلطان من ولاة الأمر، أو لأقارب الزوجين.

(أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) هي ما يجب لكل واحد منهما على الآخر.

(فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) أي: دفعته فداءً عن البقاء معه.

ومن السنة على جوازه:

حديث ابْنِ عَبَّاسٍ (أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ فِى خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّى أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِى الإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).

[ثابت بن قيس] بن شماس الأنصاري الخزرجي، مشهور بخطيب الأنصار، أول مشاهده غزوة أحد، وقد بشره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، قتل يوم اليمامة شهيداً سنة ١٢ هـ. [ما أعتب عليه] يعني ما ألوم عليه أي تصرف، وفي رواية (ما أعيب) العيب معناه الرداءة والنقص. [في خُلق ولا دين] أي لا أريد مفارقته

لسوء خلقه، ولا لنقصان دينه ولكن أكرهه بغضاً وقد جاء في رواية (لا أطيقه). [أكره الكفر في الإسلام] هذه الجملة فيها قولان للعلماء: القول الأول: الأخذ بظاهرها، والمعنى أنها خشيت من شدة بغضها أن يحملها ذلك الكفر لأجل أن ينفسخ النكاح، القول الثاني: أن المراد بالكفر كفران العشير والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له، وهذا أصح، وأما الذي قبله فما أبعده احتمالاً، في صحابيّة فاضلة، تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله ويسكت عنها، إن هذا لشيء بعيد، قال الطيبي: المعنى أخاف على نفسي في الإسلام ما ينافي حكمه، من نشوز وفرك وغيره، مما يقع من الشابة الجميلة المبغضة لزوجها إذا كان بالضد منها، فأطلقت على ما ينافي مقتضى الإسلام الكفر. [أتردين عليه حديقته] هذا استفهام حقيقي ولذلك قالت: نعم. (الاستفهام الذي يطلب به الجواب فيكون على معناه الحقيقي) والحديقة: هي البستان من النخيل وفي رواية عند البزار (وكان قد تزوجها على حديقة نخل) وعند أبي داود (فإني أصدقتها حديقتين). [اقبل الحديقة وطلقها] قيل: هذا أمر إيجاب، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نظر بحالها وواقعها أمَره أمْر إيجاب، وقيل: أمر إرشاد وإصلاح، والراجح القول الأول. [وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً] أي طلقة واحدة بائنة فليس له رجعة عليها إلا برضاها وعقد جديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>