للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا معلوم البطلان بالضرورة.

الوجه الثالث: أن يقال: إن الدابة التي تخرج من الأرض في آخر الزمان ليست بأنواع متعددة، وليست اسم جنس لكل ما يدب على الأرض؛ كما زعم ذلك أبو عبية، وإنما هي حيوان واحد؛ كما يدل على ذلك ظاهر القرآن والأحاديث الصحيحة، ولا عبرة بما يخالف ذلك من آراء الناس وتخرصاتهم.

الوجه الرابع: أن دابة الأرض من خوارق العادات؛ كما يدل على ذلك قول الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} ، وكما تدل على ذلك الأحاديث التي تقدم ذكرها، وما كان كذلك؛ فهو مما يعجز عنه الخيال، وأنى للخيال أن يتصور ما لم يشاهد الناس له نظيرا من الدواب؟!

فصل

وقد سلك بعض العصريين في إنكار خروج الدابة في آخر الزمان مسلكا غير مسلك أبي عبية، ورد عليه الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي، فأجاد وأفاد.

قال في كتابه "المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية" ما نصه:

"المسألة الثالثة والمائة: قال (أي: المردود عليه) : الدابة: كل حيوان يدب؛ أي: يمشي، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} ، والمعنى: إذا قامت القيامة؛ بعث الله نوعا مخصوصا من دواب هذه الأرض كما يبعث غيره من الدواب الأخرى، وينطقه، فيوبخ الإنسان على كفره؛ كما ينطق أعضاءه في ذلك اليوم أيضا؛ فليس المراد من

<<  <  ج: ص:  >  >>