للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه المواضع باطل؛ فلا يغتر به.

وقال في حاشية (ص١٩٩) ما ملخصه: "سبق أن أشرنا إلى مفهوم الدابة بما يتفق والعقل والمنطق وسنة الدين الإسلامي، كما سبق أن أشرنا إلى أنها ظهرت وكثرت وانتشرت؛ فالدابة اسم جنس لكل ما يدب، وليست حيوانا مشخصا معينا يحوي العجائب والغرائب ويمثل على الحقيقة ما يعجز الخيال".

والجواب عن هذا من وجوه:

أحدها: أن يقال: ما أشار إليه أبو عبية من مفهوم الدابة عنده بما يتفق مع عقله ومنطقه ودينه؛ فإنه مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة؛ فلا يتفق مع عقولهم ولا مع منطقهم ودينهم؛ لأنهم يؤمنون بما جاء في كتاب الله تعالى وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخبار الغيوب الماضية والآتية، ولا يحكمون عقولهم في شيء منها كما يفعله بعض أهل البدع، ولا يتأولون الآيات والأحاديث على غير تأويلها كما فعل ذلك أبو عبية ومن على شاكلته في كثير من أشراط الساعة، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} ... الآية.

الوجه الثاني: أن خروج الدابة من أشراط الساعة؛ كما دل على ذلك القرآن والأحاديث الصحيحة، وإذا خرجت الدابة؛ لم ينفع أحدا إيمانه إذا لم يكن مؤمنا قبل ذلك؛ كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي وابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض» ؛ فلو كانت الدابة قد ظهرت كما زعم ذلك أبو عبية؛ لما كان الإيمان نافعا لمن آمن بعد خروجها، ويلزم على قول أبي عبية نفي الإيمان عن كل المؤمنين على وجه الأرض،

<<  <  ج: ص:  >  >>