وفي رواية لأحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تغيب الشمس تحت العرش، فيؤذن لها، فترجع، فإذا كانت تلك الليلة التي تطلع صبيحتها من المغرب؛ لم يؤذن لها، فإذا أصبحت؛ قيل لها: اطلعي من مكانك (ثم قرأ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} » .
وفي رواية له أخرى «عن أبي ذر رضي الله عنه؛ قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، وعليه برذعة أو قطيفة، قال: فذاك عند غروب الشمس، فقال لي:" يا أبا ذر! هل تدري أين تغيب هذه؟ ". قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال:"فإنها تغرب في عين حامئة، تنطلق حتى تخر لربها عز وجل ساجدة تحت العرش، فإذا حان خروجها؛ أذن الله، فتخرج، فتطلع، فإذا أراد أن يطلعها من حيث تغرب؛ حبسها، فتقول: يا رب! إن مسيري بعيد. فيقول لها: اطلعي من حيث غبت. فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها» .
قال ابن العربي المالكي: "أنكر قوم سجود الشمس، وهو صحيح ممكن".
قلت: إنما ينكر ذلك من يرتاب في صدق النبي صلى الله عليه وسلم، فأما من لا يشك في صدقه، ويعتقد أنه مبلغ عن ربه كما أخبر الله عنه في قوله:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ؛ فلا ينكر ذلك ولا يرتاب فيه.
فإن قيل: إن الشمس لا تزال طالعة على الأرض، ولكنها تطلع على جهة منها، وتغرب عن الجهة الأخرى؛ فأين يكون مستقرها الذي إذا انتهت إليه سجدت واستأذنت في الرجوع من المشرق؟!
فالجواب أن يقال: حسب المسلم أن يؤمن بما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويعتقد أنه هو الحق، ولا يتكلف ما لا علم له به من تعيين الموضع الذي تسجد فيه الشمس، بل يكل علم ذلك إلى الله تعالى.