وقد روى: الإمام أحمد، والشيخان؛ «عن أبي ذر رضي الله عنه؛ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} ؛ قال:"مستقرها تحت العرش» .
فهذا المستقر الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا انتهت إليه الشمس؛ سجدت، واستأذنت في الرجوع من المشرق، فيؤذن لها، فإذا كان في آخر الزمان؛ سجدت كما كانت تسجد، فلم يقبل منها، واستأذنت في الرجوع من المشرق؛ فلم يؤذن لها؛ يقال لها: ارجعي من حيث جئت. فتطلع من مغربها.
وقد قال ابن كثير رحمه الله تعالى في "البداية والنهاية" في الكلام على حديث أبي ذر رضي الله عنه وما جاء فيه من سجود الشمس ما ملخصه:
"لا يدل على أنها - أي الشمس - تصعد إلى فوق السماوات من جهتنا حتى تسجد تحت العرش، بل هي تغرب عن أعيننا وهي مستمرة في فلكها الذي هي فيه، فإذا ذهبت فيه حتى تتوسطه، وهو وقت نصف الليل؛ فإنها تكون أبعد ما تكون من العرش؛ لأنه مقبب من جهة وجه العالم، وهذا محل سجودها كما يناسبها، كما أنه أقرب ما تكون من العرش وقت الزوال من جهتنا، فإذا كانت في محل سجودها؛ استأذنت الرب جل جلاله في طلوعها من المشرق، فيؤذن لها، فتبدو من المشرق، وهي مع ذلك كارهة لعصاة بني آدم أن تطلع عليهم، فإذا كان الوقت الذي يريد الله طلوعها من جهة مغربها؛ تسجد على عادتها، وتستأذن في الطلوع من عادتها فلا يؤذن لها، فجاء أنها تسجد أيضا ثم تستأذن فلا يؤذن لها، ثم تسجد فلا يؤذن لها، وتطول تلك الليلة، فتقول: يا رب! إن الفجر قد اقترب، وإن المدى بعيد. فيقال لها: ارجعي من حيث جئت. فتطلع من مغربها، فإذا رآها الناس؛ آمنوا جميعا، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم