الإقامة، أو ضعف من النساء والولدان وشبههم؛ فهذا لا هجرة عليه؛ لقول الله تعالى:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} ، ولا توصف باستحباب؛ لأنها غير مقدور عليها.
والثالث: من تستحب له ولا تجب عليه، وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه وإقامته في دار الكفر، فتستحب له؛ ليتمكن من جهادهم وتكثير المسلمين ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم، ولا تجب عليه؛ لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة". انتهى.
قال في "الفروع": "وذكر ابن الجوزي أنها تجب عليه؛ أي: على هذا الضرب الأخير". قال: "وأطلق ذلك". انتهى.
وهذا الذي ذكره ابن الجوزي جيد قوي يدل عليه ظاهر القرآن والأحاديث التي سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
أما القرآن؛ فإن الله تعالى لم يعذر عن الهجرة إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، ولو كان للقوي القادر على إظهار دينه في دار الكفر عذر؛ لعذره الله تعالى كما عذر المستضعفين، وقد قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} ؛ فقطع الموالاة بين من هاجر ومن لم يهاجر، فدل على أنه لا عذر لأحد في ترك الهجرة؛ إلا للمستضعفين الذين نص الله عليهم في سورة النساء.
وأما الأحاديث:
فمنها ما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب رضي الله عنه؛ قال: أما بعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من جامع المشرك وسكن معه؛ فإنه مثله» .