بمقتضى هذه الفطرة وحدها، فلم تزل دعوة الرسل إلى التوحيد في الأرض معلومة لأهلها؛ فالمشرك يستحق العذاب لمخالفته دعوة الرسل، والله أعلم" انتهى.
الفائدة الثانية والأربعون: سماع أهل القبور كلام الأحياء، ويستفاد ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي رزين رضي الله عنه:«حيثما أتيت عليه من قبر عامري أو قرشي أو دوسي من مشرك؛ فقل: أرسلني إليك محمد، فأبشرك بما يسؤوك؛ تجر على وجهك وبطنك في النار» ، ولو كان الأموات لا يسمعون كلام الأحياء؛ لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أبا رزين رضي الله عنه أن يبشر من يمر عليه من أموات المشركين بالنار، فدل أمره صلى الله عليه وسلم لأبي رزين على أن الأموات يسمعون كلام الأحياء.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الكلام على حديث أبي رزين رضي الله عنه: "وقوله: "حيثما مررت بقبر كافر فقل: أرسلني إليك محمد ". هذا إرسال تقريع وتوبيخ لا تبليغ أمر ونهي، وفيه دليل على سماع أهل القبور كلام الأحياء وخطابهم لهم". انتهى.
ويشهد لما جاء في حديث أبي رزين رضي الله عنه ما رواه: الإمام أحمد، والشيخان، والنسائي؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب يوم بدر، فقال: "يا فلان! يا فلان! هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ أما والله إنهم الآن ليسمعون كلامي» ..... الحديث.
وروى: الإمام أحمد، والشيخان، وأهل السنن إلا ابن ماجه؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن أبي طلحة رضي الله عنه:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم؛ أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر»