«اليوم الثالث؛ أمر براحلته، فشد عليها رحلها، ثم مشى واتبعه أصحابه، وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم:"يا فلان ابن فلان! ويا فلان ابن فلان! أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؛ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ ". قال: فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله! ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفس محمد بيده؛ ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» .
وروى الإمام أحمد أيضا عن أنس رضي الله عنه؛ قال: «كنا مع عمر رضي الله عنه بين مكة والمدينة، فتراءينا الهلال، وكنت حديد البصر، فرأيته، فجعلت أقول لعمر: أما تراه؟ قال: سأراه وأنا مستلق على فراشي. ثم أخذ يحدثنا عن أهل بدر؛ قال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرينا مصارعهم بالأمس؛ يقول: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالى، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالى. قال: فجعلوا يصرعون عليها. قال: قلت: والذي بعثك بالحق؛ ما أخطؤوا تيك، كانوا يصرعون عليها، ثم أمر بهم، فطرحوا في بئر، فانطلق إليهم، فقال: (يا فلان! يا فلان! هل وجدتم ما وعدكم الله حقا؛ فإني وجدت ما وعدني الله حقا". قال عمر: يا رسول الله! أتكلم قوما قد جيفوا؟ قال:"ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن؛ لا يستطيعون أن يجيبوا» .
إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وروى: الإمام أحمد أيضا، ومسلم؛ عن أنس رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثة أيام حتى جيفوا، ثم أتاهم، فقام عليهم، فقال: "يا أمية بن خلف! يا أبا جهل بن هشام! يا عتبة بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؛ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا". قال: فسمع عمر صوته، فقال: يا رسول الله! أتناديهم بعد ثلاث؟! وهل يسمعون؟! يقول»