مجازاة لهم بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام، والأنصار من اليمن، فيدفع غيرهم حتى يشربوا؛ كما دفعوا في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم أعداءه والمكروهات، ومعنى (يرفض عليهم) ؛ أي: يسيل عليهم" انتهى.
و (عقر الحوض) ؛ بضم العين وإسكان القاف؛ قال النووي: "هو موقف الإبل من الحوض إذا وردته، وقيل: مؤخره" انتهى.
وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل اليمن، فقال:«أتاكم أهل اليمن: أرق أفئدة، وألين قلوبا؛ الإيمان يمان، والحكمة يمانية» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، والترمذي؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد جاء من اليمن أمداد كثيرة في خلافه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وذهب كثير منهم على الثغور يجاهدون في سبيل الله تعالى، وسكن كثير منهم في الأمصار مع الصحابة يتعلمون منه العلم ويعلمونه، وكان فيهم كثير من أكابر الفقهاء والمحدثين، وفيهم حكماء وعباد كثيرون، ولما كانوا متصفين بالصفات الحميدة؛ ناسب أن يقدموا في الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يذاد عنهم من ليس مثلهم. والله أعلم.
الوجه الثاني: أن الظاهر من كلام أبي عبية أنه لا يؤمن بحوض النبي صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة، ولهذا زعم أن ذود النبي صلى الله عليه وسلم عن الحوض لأهل اليمن تمثيل للحيلولة بين من ليسوا من أهل اليمن وبين مقام الإكرام والرحمة يوم القيامة؛ يعني: وليس بذود عن الحوض على الحقيقة!
وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة؛ فإنهم يثبتون للنبي صلى الله عليه وسلم حوضا في الدار الآخرة يرد عليه المؤمنون من هذه الأمة، ويمنع منه من ليس بمؤمن.