أنه يرى أثر الوضع جليّا واضحا على هذا الحديث، وعلل ذلك بأنه يتعارض ومبدأ الدفاع عن النفس الذي شرعه الإسلام!
والجواب أن يقال: ليس في الحديث ما يدل على أثر الوضع كما قد توهمه أبو عبية، بل الحديث صحيح، لا مطعن فيه بوجه من الوجوه، وله شواهد كثيرة مما تقدم، وما يأتي عن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما.
وأما الدفاع عن النفس؛ فإنما هو مشروع في غير أيام الهرج، وأما أيام الهرج فالمشروع فيها كف اليد واللسان ولزوم البيت وإذا دخل على أحد بيته؛ فإنه مأمور بأن يكون كخير ابني آدم؛ كما تقدم في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. والله أعلم.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال:"إني لأعلم فتنة يوشك أن يكون الذي قبلها معها كنفجة أرنب، وإني لأعلم المخرج منها. قلنا: وما المخرج منها؟ قال: أمسك يدي حتى يجيء من يقتلني".
رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، والحاكم في "مستدركه"؛ من طريقه، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "إياكم والفتن؛ لا يشخص إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد إلا نسفته كما ينسف السيل الدمن، إنها مشبهة مقبلة حتى يقول الجاهل: هذه سنة، وتبين مدبرة، فإذا رأيتموها؛ فاجثموا في بيوتكم، وكسروا سيوفكم، وقطعوا أوتاركم، وغطوا وجوهكم".
رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، والحاكم في "مستدركه"، وأبو نعيم في "الحلية" من طريقه. وقال الحاكم:"صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".