وقال ابن الأثير وابن منظور أيضا في (مادة: صرم) : "وفي الحديث: «في هذه الأمة خمس فتن، قد مضت أربع وبقيت واحدة، وهي الصيرم» ، وكأنها بمنزلة الصيلم، وهي الداهية التي تستأصل كل شيء، كأنها فتنة قطاعة، وهي من الصرم: القطع، والياء زائدة". انتهى.
وعن الوليد بن عياش عن إبراهيم عن علقمة؛ قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحذركم سبع فتن تكون بعدي: فتنة تقبل من المدينة، وفتنة بمكة، وفتنة تقبل من اليمن، وفتنة تقبل من الشام، وفتنة تقبل من المشرق، وفتنة تقبل من المغرب، وفتنة من بطن الشام، وهي السفياني» .
قال: فقال ابن مسعود رضي الله عنه: منكم من يدرك أولها، ومن هذه الأمة من يدرك آخرها. قال الوليد بن عياش: فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير، وفتنة مكة فتنة عبد الله بن الزبير، وفتنة الشام من قبل بني أمية، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء.
رواه الحاكم في "مستدركه" من طريق نعيم بن حماد، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي فقال:"هذا من أوابد نعيم".
قلت: لم يكن نعيم بن حماد كذابا ولا متروكا حتى يقال: "هذا من أوابده"، وكيف يقال فيه هذا القول وقد وثقه الإمام أحمد وابن معين والعجلي؟ ! وحسبك بتوثيق أحمد ويحيى، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وروى عنه البخاري في "صحيحه" ومسلم في مقدمة "صحيحه"، وروى عنه أيضا ابن معين والذهلي وغيرهما من الأئمة، ومن كان بهذه المثابة عند هؤلاء الأئمة؛ فحديثه مقبول. والله أعلم.
وقد وقع مصداق هذا الحديث، سوى فتنة السفياني؛ فهي لم تقع إلى الآن، ولم يجئ في خروجه حديث صحيح يعتمد عليه.