للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعادوا بذلك سيرة أهل الجاهلية في قبر اللات، فظهر بذلك مصداق هذا الحديث الصحيح، وقبر ابن عباس رضي الله عنهما، وإن لم يكن في موضع اللات بنفسه؛ فإنه قريب منه في الموضع، وشبيه به فيما يفعل عنده من الشرك؛ لأن كلا منهما في ناحية من نواحي المسجد المسمى بمسجد ابن عباس، وقد قيل: إن موضع اللات في موضع المنارة من ذلك المسجد، وأما قبر ابن عباس رضي الله عنهما؛ فمعروف مشهور، وقد اتخذه الضلال من آخر هذه الأمة وثنًا يعظمونه كما كان أهل الجاهلية يعظمون اللات من قبل، ويدعونه، ويلجؤون إليه في قضاء الحاجات وتفريج الكربات؛ كما كانت ثقيف ومن حولها من أحياء العرب يدعون اللات ويلجؤون إليها، فغلو الضلال من هذه الأمة في ابن عباس رضي الله عنهما شبيه بغلو المشركين الأولين في اللات.

قال الشيخ حسين بن غنام في كتابه "روضة الأفكار والأفهام": "وفي الطائف قبر ابن عباس رضي الله عنهما، يقف عنده كل مكروب وخائف متضرعًا مستغيثًا، وينادي أكثر الباعة في الأسواق: اليوم على الله وعليك يا ابن عباس! ويسألونه الحاجات ويسترزقونه" انتهى.

وذكر الشيخ حسين بن مهدي النعمي اليمني في كتابه "معارج الألباب": "أنه سمع بعض الأفاضل يحدث أن رجلين قصدا الطائف من مكة المشرفة، وأحدهما يزعم أنه من أهل العلم، فقال له رفيقه ببديهة الفطرة: أهل الطائف لا يعرفون الله إنما يعرفون ابن عباس! فأجابه بأن معرفتهم لابن عباس كافية لأنه يعرف الله". انتهى.

وإذا كانت هذه حال من يزعم أنه من أهل العلم؛ فكيف بالعوام؟ .

وقد أزيلت آثار الوثنية من قبر ابن عباس رضي الله عنهما مرتين: إحداهما: في حدود سنة عشرين بعد المئتين والألف. والثانية: في آخر سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>