وأما تفسير الحديث بما ذهب إليه أبو عبية؛ فهو من تحريف الكلم عن مواضعه، وحمل الحديث على غير ما أريد به.
الوجه الخامس: أن أبا عبية زعم في تعليق له في (ص١٥٩) أن ما جاء في حديث جابر في صفة حمار الدجال؛ فهو من أقاصيص الوضاعين.
والجواب أن يقال:{سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ؛ فليس في إسناد حديث جابر رضي الله عنه أحد من الضعفاء، فضلا عن الوضاعين.
وقد رواه الإمام أحمد عن محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد صححه الحاكم والذهبي كما تقدم ذكره، ورواه ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" مختصرا، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وإذا علم هذا؛ فمن ضعف الدين وقلة الورع والتهجم على هذا الحديث الصحيح وعلى غيره من الأحاديث الصحيحة بغير مستند، ورمي الثقات الأثبات بوضع الأحاديث، وتسميتهم الوضاعين، وهم مبرؤون من هذا البهتان العظيم والإثم المبين.
وعن أبي الطفيل رضي الله عنه عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: أنه قال: " الدجال يخرج في بغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش ... (الحديث وفيه:) ولا يسخر له من المطايا إلا الحمار؛ فهو رجس على رجس".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "تلخيصه": "على شرط البخاري ومسلم ".