ومن زعم أن يأجوج ومأجوج خلقوا من نطفة آدم حين احتلم، فاختلطت بالتراب، فخلقوا من ذلك، وأنهم ليسوا من حواء؛ فهو قول حكاه الشيخ أبو زكريا النواوي في "شرح مسلم " وغيره، وضعفوه، وهو جدير بذلك؛ إذ لا دليل عليه، بل هو مخالف لما ذكرناه من أن جميع الناس اليوم من ذرية نوح بنص القرآن، وهكذا من زعم أنهم على أشكال مختلفة وأطوال متباينة جدا؛ فمنهم من هو كالنخلة السحوق، ومنهم من هو في غاية القصر، ومنهم من يفترش أذنا من أذنيه ويتغطى بالأخرى؛ فكل هذه أقوال بلا دليل ورجم بالغيب بغير برهان".
قلت: وقد ورد في ذلك حديث ضعيف سيأتي في باب كثرة يأجوج ومأجوج إن شاء الله تعالى.
قال ابن كثير: "والصحيح أنهم من بني آدم، وعلى أشكالهم وصفاتهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن» ، وهذا فيصل في هذا الباب وغيره". انتهى.
وقد روى الحاكم في "مستدركه" عن سعيد بن المسيب: أنه قال: "ولد نوح عليه الصلاة والسلام ثلاثة: سام وحام ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم، وفي كل هؤلاء خير، وولد حام السودان والبربر والقبط، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج".
ورواه البزار في "مسنده" من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولد لنوح سام وحام ويافث، فولد لسام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والسقالبة ولا خير فيهم، وولد لحام القبط والبربر والسودان» .
في إسناده محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي عن أبيه، وكلاهما ضعيف.