قوله:{وَمَن يَرْتَدِدْ}«مَنْ» شرطيةٌ في محلِّ رفع بالابتداءِ، ولم يَقْرأ هنا أحدٌ بالإِدغام، وفي المائدة اختلفوا فيه، فنُؤَخِّر الكلامَ على هذه المسألةِ إلى هناك إن شاءَ اللهُ تعالى.
وَيَرْتَدِدُ يَفْتَعِلُ من الردِّ وهو الرجوعُ كقولِه:{فارتدا على آثَارِهِمَا قَصَصاً}[الكهف: ٦٤] : قال الشيخ: «وقد عَدَّها بعضُهم فيما يتعدَّى إلى اثنين إذا كانت عنده بمعنى صَيَّر، وَجَعَلَ من ذلك قولَه:
{فارتد بَصِيراً}[يوسف: ٩٦] أي: رَجَع «وهذا منه [سهو] ؛ لأنَّ الخلافَ إنما هو بالنسبةِ إلى كونِها بمعنى صار أم لا، ولذلك مثَّلوا بقوله:» فارتدَّ بصيراً «فمنهم مَنْ جَعَلها بمعنى» صار «، ومنهم مَنْ جَعَل المنصوبَ بعدَها حالاً، وإلا فأينَ المفعولان هنا؟ وأمَّا الذي عَدُّوه يتعدَّى لاثنين بمعنى» صَيَّر «فهو رَدَّ لا ارتدَّ، فاشتبه عليه ردَّ ب» ارتَدَّ «. وصيَّر ب» صارَ «.
و» منكم «متعلِّقٌ بمحذوفٍ؛ لأنه حالٌ من الضميرِ المستكنِّ في» يَرْتَدِدْ «، و» من «للتبعيض، تقديرُه: ومَنْ يَرْتَدِدْ في حالِ كونِه كائناً منكم، أي: بعضكم. و» عن دينه «متعلِّقٌ بيرتددْ. و» فَيَمُتْ «عطفٌ على الشرط والفاءُ مُؤْذِنَةٌ بالتعقيب.
{وَهُوَ كَافِرٌ} جملةٌ حاليةٌ من ضميرِ» يَمُتْ «، وكأنها حالٌ مؤكِّدَةٌ لأنها لو حُذِفَتْ لفُهِم معناها، لأنَّ ما قبلَها يُشْعِرُ بالتعقيبِ للارتداد، وجيء بالحالِ هنا