للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جملةً، مبالغةً في التأكيدِ من حيث تكرُّرُ الضميرِ بخلافِ ما لو جِيء بها اسماً مفرداً.

وقوله: {فأولائك} جوابُ الشرطِ. قالَ أبو البقاء: و» مَنْ في موضعِ مبتدأ، والخبرُ هو الجملةُ التي هي قولُه: «فأولئك حَبِطَتْ» ، وكان قد سَلَفَ له عند قوله: {فَمَن تَبِعَ هُدَايَ} [البقرة: ٣٨] أنَّ خبرَ اسم الشرطِ هو فعلُ الشرطِ لا جوابُه ورَدَّ على مَنْ يَدَّعي ذلك بما حَكَيْتُه عنه ثَمَّةَ، ويَبْعُدُ منه تَوَهُّمُ كونِها موصولةً لظهورِ الجزمِ في الفعلِ بعدها، ومثلُه لا يقعُ في ذلك.

و «حَبِط» فيه لغتان: كسرُ العينِ - وهي المشهورةُ - وفَتْحُها، وبها قرأ أبو السَّمَّال في جميعِ القرآنِ، ورويتْ عن الحسنِ أيضاً. والحُبوط: أصلُه الفسادُ ومنه: «حَبِطَ بطنُه» أي: انتفخ، ومنه «رَجلٌ حَبَنْطَى» أي: منتفخُ البطنِ.

وحُمِل أولاً على لفظِ «مَنْ» فَأَفْرَدَ في قوله: «يَرْتَدِدْ، فيمتْ وهو كافرٌ» وعلى معناها ثانياً في قولِه: «فأولئك» إلى آخره، فَجَمَع، وقد تقدَّم أن مثلَ هذا التركيبِ أحسنُ الاستعمالَيْنِ: أعني الحَمْلَ أولاً على اللفظِ ثم على المعنى. وقولُه «في الدنيا» متعلِّقٌ ب «حَبِطَتْ» .

وقوله: {وأولائك أَصْحَابُ النار} إلى آخرِهِ تقدَّم إعرابُ نظيرتِها. واختلفوا في هذه الجملةِ: هل هي استئنافيةٌ، أي: لمجرَّدِ الإخبارِ بأنهم أصحابُ النارِ، فلا تكونُ داخلةٍ في جزاء الشرطِ، بل تكونُ معطوفةً على جملةِ الشرطِ، أو هيَ معطوفةً على الجوابِ فيكونُ محلُّها الجزم؟ قولان،

<<  <  ج: ص:  >  >>