للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا الزمخشري فكأنه لم يَرْتَضِ تشبيهَ الزجاج، فإنه قال: «وقيل: هو نفيٌ للسؤالِ، والإِلحاف جميعاً كقوله:

على لاحِبٍ لا يُهْتَدَى بمنارِه ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يريد نفيَ المنارِ والاهتداءِ به» .

وطريقُ أبي إسحاق الزجاج هذه قد قَبِلها الناسُ ونَصَروها واستحسنوا تنظيرَها بالبيت كالفارسي وأبي بكر بن الأنباري، قال أبو علي: «لم يُثْبِتْ في قوله: {لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً} مسألةً فيهم، لأن المعنى: ليس منهم مسألةٌ فيكونَ منهم إلحافٌ، ومِثْلَ ذلك قولُ الشاعر:

١٠٨٩ - لا يَفْزَعُ الأرنبُ أهوالَها ... ولا ترى الضَبَّ بها يَنْجَحِرْ

أي: ليس فيها أرنبٌ فيفزعَ لهولِها ولا ضَبُّ فينجحرَ، وليس المعنى أنه ينفي الفزعَ عن الأرنبِ والانجحار عن الضب. وقال أبو بكر: «تأويلُ الآية: لا يسألون البتةَ فيخرجهم السؤالُ في بعض الأوقات إلى الإِلحافِ؛ فجَرى هذا مَجْرى قولِك: / فلان لا يُرْجى خيرُه أي: لا خيرَ عنده البتة فيُرْجى، وأنشد قول امرىء القيس:

١٠٩٠ - وصُمٌّ صِلابٌ ما يَقِين من الوَجَى ... كأنَّ مكانَ الرَّدْفِ منه على رَالِ

أي: ليس بهن وَجَى فيشتكينَ من أجله، وقال الأعشى:

١٠٩١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>