الرابع: أن يعودَ الضميرُ المرفوع في «يَرَونهم» على الفئةِ الكافرة؛ لأنها جَمْعٌ في المعنى، والضميرُ المنصوب والمجرورُ على ما تقدم من احتمالِ عودِهما على الكافرينَ أو المسلمين أو أحدِهما لأحدِهم.
والذي تَقَوَّى في هذه الآيةِ من جميعِ ما قَدَّمْتُهُ من حيِث المعنى أَنْ يكونَ مَدارُ الآيةِ على تقليلِ المسلمينَ وتكثيرِ الكافرين، لأنَّ مقصودَ الآية ومساقَها الدلالةُ على قُدْرَةِ الله الباهرةِ وتأييدِهِ بالنصر لعبادِه المؤمنين مع قلةِ عددِهم وخذلانِ الكافرين مع كثرةِ عددِهم، وتحزُّبهم، ليُعْلَمَ أنَّ النصرَ كلَّه من عند الله، وليس سببُه كثرتَكم وقلةَ عدوكم، بل سببُه ما فعلَه تبارك وتعالى من إلقاءِ الرعبِ في قلوبِ أعدائِكم، ويؤيِّده قولُه بعد ذلك/:{والله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ} وقال في موضع آخر:
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً}[التوبة: ٢٥] . قال الشيخ أبو شامة بعد ذِكْره هذا المعنى وَجَعَلَهُ قوياً:«فالهاءُ في تَرَوْنَهم للكفارِ سواءً قُرىء بالغَيْبَةِ أم بالخطاب والهاءُ في» مثليهم «للمسلمين. فإنْ قلت: إن كان المرادُ هذا فهلا قيل: يَرَونْهَم ثلاثةَ أمثالهم. فكان أبلغَ في الآية، وهي نصرُ القليلِ على هذا الكثيرِ، والعُدَّةُ كانت كذلك أو أكثرَ. قلت: أخبرَ عن الواقعِ، وكان آيةً أخرى مضمومةً إلى آية البصرِ، وهي تقليلُ الكفارِ في أعينِ المسلمين وقُلِّلُوا إلى حدٍّ وُعِدَ المسلمونَ النصرَ عليهم فيه، وهو أن الواحدَ من المسلمين يَغْلِبُ الاثنين، فلم تكن حاجةٌ إلى التقليلِ بأكثرَ من هذا، وفيه فائدةٌ: وقوعُ ما ضَمِنَ لهم من النصر فيه» انتهى. قلت: وإلى هذا المعنى ذهب الفراء، أعني أنهم يَرَوْنَهم ثلاثةَ أمثالهم، فإنه قال:«مِثْليهم: ثلاثةَ أمثالهم، كقول القائل:» عندي ألف وأنا محتاجٌ إلى