وعلى هذه القراءاتِ كلِّها ففي رفعِ «الملائكة» وما بعدَها ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها الابتداءُ/ والخبرُ محذوفٌ. والثاني: أنه فاعلٌ بفعلٍ مقدرٍ وقد تَقدَّم تحريرُها. الثالث ذَكَره الزمخشري: وهو النسقُ على الضمير المستكنِّ في «شهداء الله» قال: «وجاز ذلك لوقوعِ الفاصلِ بينهما» .
قوله:«أنه» العامَّةُ على فتحِ الهمزةِ، وإنما فُتِحَتْ لأنها على حَذْفِ حرفِ، الجر، أي: شَهِدَ الله بأنه لا إله إلا هو، فَلَّما حُذِفَ الحرفُ جازَ أن يكونَ محلُّها نصباً وأن يكونَ محلُّها جَرَّاً كما تقدَّم تقديره.
وقرأ ابن عباس:«إنه» بكسرِ الهمزةِ، وفيها تخريجان، أحدُهما: إجراءُ «شَهِدَ» مُجْرى القولِ لأنه بمعناه، وكذَا وقَعَ في التفسير: شَهِد الله أي: قال الله، ويؤيِّده ما نَقَله المؤرِّج أن «شَهِد» بمعنى «قال» لغةُ قيس بن عيلان. والثاني: أنها جملةُ اعتراضٍ بين العامل وهو شهد وبين معمولهِ وهو قولُه {إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام} ، وجازَ ذلك لِما في هذه الجملةِ من التأكيدِ وتقويةِ المعنى، وهذا إنما يتجه على قراءةِ فَتْحِ «أَنَّ» من «أنَّ الدينَ» ، وأمَّا على قراءةِ الكسرِ فلا يجوزُ، فيتعيَّنُ الوجهُ الأولُ.
والضميرُ في «أنه» يَحْتمل العَوْدَ على الباري لتقدُّمِ ذكرهِ، ويَحْتمل أن يكونَ ضميرَ الأمر، ويؤيِّدُ ذلك قراءةُ عبد الله:{شَهِدَ الله أَنْ لا إلهَ إلا هو} فأَنْ مخففةٌ في هذه القراءةِ، والمخففةُ لا تعملُ إلاَّ في ضميرِ الشأنِ ويُحْذَفُ حينئذٍ، ولا تَعْمَلُ في غيرِه إلا ضرورةً.