وأَدْغم أبو عمرو بخلافٍ عنه واو «هو» في واوِ النسق بعدها وقد تقدَّم تحقيقُ هذه المسألةِ في البقرة عند قوله: {هُوَ والذين آمَنُواْ مَعَهُ}[الآية: ٢٤٩] .
قوله:{قَآئِمَاً بالقسط} في نصبِه أربعةُ أوجه أحدُها: أنه منصوبٌ على الحالِ، واختلف القائلُ بذلك: فبعضُهم جَعَلَه حالاً من اسمِ الله، فالعاملُ فيها «شَهِدَ» . قال الزمخشري:«وانتصابهُ على أنَه حالٌ مؤكِّدةٌ منه كقوله تعالى: {وَهُوَ الحق مُصَدِّقاً} . قال الشيخ:» وليس من بابِ الحالِ المؤكدةِ لأنه ليس من باب: {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً}[مريم: ١٥] ولا من باب «أنا عبدُ الله شجاعاً» فليس «قائماً بالقسط» بمعنى شَهِد، وليس مؤكداً لمضمونِ الجملةِ السابقةِ في نحو: أنا عبدُ الله شجاعاً وهو زيدٌ شجاعاً، لكنْ في هذا التخريجَ قَلَقٌ في التركيبِ، إذ يصير كقولك:«أَكلَ زيدٌ طعاماً وعائشةُ وفاطمةُ جائعاً» فَيَفْصِل بين المعطوفِ عليه والمعطوفِ بالمفعول، وبين الحالِ وذي الحال بالمفعولِ والمعطوفِ، لكنْ بمشيئةِ كونِها كلِّها معمولةً لعاملٍ واحدٍ «. انتهى.
قلت: مؤاخَذَتُهُ له في قولِهِ:» مؤكدةُ «غيرُ ظاهرٍ، وذلك أنَّ الحالَ على قسمين: إمَّا مؤكدةٌ وإمَّا مُبَيِّنة، وهي الأصلُ، فالمُبَيِّنَةُ لا جائزٌ أن تكونَ ههنا، لأنَّ المبيِّنة تكونُ متنقلةً، والانتقالُ هنا مُحالٌ، إذ عَدْلُ اللهِ تعالى لا يتغيَّرُ، فإنْ قيل لنا قسمٌ ثالثٌ، وهي الحالُ اللازمةُ فكانَ للزمخشري مندوحةٌ عن قوله» مؤكدة «ألى قوله» لازمةٌ «فالجوابُ أنَّ كلَّ مؤكدةٍ لازمةٌ وكلَّ لازمةٍ مؤكدةٌ