صريحاً، والباقيةُ في تأويِلِهِ: فالثانيةُ جار ومجرور، وأُتِيَ بها هكذا لِوُقوعِها فاصلةً في الكلامِ، ولو جِيءَ بها اسماً صريحاً لفاتَ مناسبةٌ الفواصلِ، والثالثة/ جملةٌ فعليةٌ، وعطفُ الفعلِ على الاسمِ لتأويله به وهو كقولِهِ تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطير فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ}[الملك: ١٩] أي: وقابضاتٍ، ومثلُه في عَطْفِ الاسمِ على الفعلِ لأنه في تأويلِهِ قولُ النابغة:
إذ المعنى: مبيراً عدوَّه، وقاصدٍ، وجاءَ بالثالثةِ فعليةً لأنَّها في رتبتِها، إذ الحالُ وصفٌ في المعنى، وقد تقدَّم أنه إذا اجتمع صفاتٌ مختلفة في الصراحةِ والتأويلِ قُدِّم الاسمُ ثم الظرفُ أو عديلُه ثم الجملةُ، فكذا فَعَل هنا، قَدَّم الاسمَ وهو «وجيهاً» ثم الجارَّ والمجرورَ ثم الفعلَ، وأتى به مضارِعاً لدلالتِهِ على التجدُّد وقتاً فوقتاً، بخلافِ الوجاهةِ فإنَّ المرادَ ثبوتُها واستقرارُها والاسمُ مكتفِّلٌ بذلك، والجارُّ قريبٌ من المفردِ فلذلك ثَنَّى به إذ المقصودُ ثبوتُ تقريبه. والتضعيفُ في «المقرَّبين» للتعديةِ لا للمبالغةِ لِمَا تقدَّم من أنَّ التضعيفَ للمبالغةِ لا يُكْسِبُ الفعلَ مفعولاً، وهذا قد أَكْسَبَهُ مفعولاً كما ترى بخلافِ:«قَطَّعْتُ الأثوابَ» فإنَّ التعدِّيَ حاصلٌ قبلَ ذلك، وجيء بالرابعةِ بقوله {مِنَ الصالحين} مراعاةً للفاصلةِ كما تقدَّم في «المقرَّبين» والمعنى: أنَّ الله يُبَشِّركِ بهذه الكلمةِ موصوفةً بهذه الصفاتِ الجميلةِ.