بلا على المثبت الداخل عليه النفيُ نحو: ما أريد أن تجهل وأن لا تتعلم تريد: ما أريدُ أَنْ لا تتعلم» انتهى.
وتابع الزمخشريُّ الطبريَّ في عطف «يَأْمركم» على «يقول» وجَوَّز في «لا» الداخلةِ عليه وجهين، أحدُهما: أَنْ تكونَ لتأسيس النفي، والثاني: أنها مزيدةٌ لتأكيده، فقال:«وقُرىء» ولا يأمركم «بالنصب عطفاً على» ثم يقول «، وفيه وجهان، أحدهما: أَنْ تَجْعَلَ» لا «مزيدةً لتأكيد معنى النفي في قوله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} والمعنى: ما كان لبشر أن يستنبئه الله وينصِّبه للدعاء إلى اختصاص الله بالعبادة وتركِ الأندادِ، ثم يأمرَ الناسَ بأن يكونوا عباداً له ويأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً كقولك: ما كان لزيدٍ أن أكرمه ثم يهينَني ولا يستَخِفَّ بي. والثاني: أن تَجْعَلَ» لا «غيرَ مزيدة، والمعنى: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينهى قريشاً على عبادةِ الملائكة، واليهودَ والنصارى عن عبادةِ عُزير والمسيح، فلمَّا قالوا له: أَنتخذك رَبّاً قيل لهم: ما كان لبشَر أن يستنبئه الله ثم يأمر الناس بعبادته وينهاكم عن عبادة الملائكة والأنبياء» . قلت: وهذا الذي أورده الزمخشري كلامٌ صحيح ومعنى واضح على كلا تقديري كونِ «لا» لتأسيسِ النفي أو تأكيدِهِ، فكيف يجعل الشيخ كلام الطبري فاسداً على أحد التقديرين وهو كونُها لتأسيس النفي؟ فقد ظهر والحمد لله صحة كلام الطبري بكلام أبي القاسم الزمخشري وظهر أن ردَّ ابن عطيةَ عليه مردود.
وقد رَجَّحَ الناسُ قراءةَ الرفع على النصب قال سيبويه:«ولا يأمُركم منقطعة مما قبلهما؛ لان المعنى ولا يأمركم الله» ، قال الواحدي:«ومما يدلُّ على الانقطاع من الأول قراءةُ عبد الله:» ولَنْ يأمركم «.