دليلٌ على انقطاعِها من النسق وأنَّها مستأنفةٌ، فلمَّا وقعت [لا] موقعَ لن رَفَعَتْ كما قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بالحق بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجحيم}[البقرة: ١١٩] وفي قراءة عبد الله:» ولن تُسْأل «وقال الزمخشري:» والقراءة بالرفع على ابتداءِ الكلام أظهرُ، ويَعْضِدُها قراءةُ عبد الله:«ولن يأمركم» . انتهى.
وقد تقدَّم أنَّ الضميرَ في «يأمركم» يجوز أن يعود على «الله» وأن يعود على البشر الموصوف بما تقدم، والمرادُ به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أعلمُّ من ذلك، سواءً قُرىء برفع «ولا يأمركم» أو بنصبه إذا جعلناه معطوفاً على «يؤتيه» ، وأما إذا جعلناه معطوفاً على «يقول» فإنَّ الضمير يعود لبشر ليس إلا، ويؤيد ما قلته ما قال بعضُهم:«ووجهُ القراءةِ بالنصب أن يكونَ معطوفاً على الفعلِ المنصوب قبله، فيكونُ الضميرُ المرفوع لبشر لا غير» يعني بما قبله «ثم يقولَ» . ولمَّا ذكر سيبويه قراءة الرفع جعل الضميرَ عائداً على الله تعالى، ولم يذكر غيرَ ذلك، فيُحتمل أَنْ يكونَ هو الأَظهرَ عنده، ويُحتمل أنه لا يجوز غيرُه، والأولى أَوْلى.
قال بعضهم:«في الضمير المنصوب في» يأمركم «على كلتا القراءتين خروجٌ من الغيبة إلى الخطاب على طريق الالتفاتِ» قلت: كأنه تَوَهَّم أنه لمَّا [توهم] تقدَّم ذِكْرُ الناسِ في قوله: {ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ} كان ينبغي أن يكون النظم «ولا يأمرهم» جَرْياً على ما تقدم، وليس كذلك، بل هذا ابتداءُ خطابٍ لا التفاتَ فيه.
قوله:{بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ}«بعد» متعلِّقٌ بيأمركم، و «بعد» ظرفُ زمانٍ