الرابع: قال الزمخشري: «أَنْ يُراد أهلُ الكتاب، وأَنْ يَرُدَّ على زَعْمهم تهكماً بهم لأنهم كانوا يقولون: نحن أَوْلى بالنبوة من محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنَّا أهل كتاب ومنا كان النبيون» وهذا الذي قاله بعيد جداً، كيف يُسَمِّيهم أنبياءً تهكماً بهم، ولم يكن ثَم قرينةٌ تبيِّن ذلك؟
قوله:{لَمَآ آتَيْتُكُم} العامةُ: «لَما» بفتح اللام وتخفيف الميم، وحمزةُ وحده على كسر اللام، وسعيد بن جبير والحسن: لَمَّا بالفتح والتشديد.
فأمَّا قراءة العامة ففيها خمسة أوجه: أحدُها: أن تكون «ما» موصولةً بمعنى الذي وهي مفعولةٌ بفعل محذوف، وذلك الفعلُ هو جوابُ القسم، والتقدير: والله لَتُبَلِّغُنَّ ما آتيناكم من كتابٍ، قال هذا القائل: لأنَّ لام القسم إنما تقع على الفعل، فلما دَلَّت هذه اللامُ على الفعل حُذِف، ثم قال تعالى:«ثم جاءكم رسول وهو محمد صلى الله عليه سلم» قال: «وعلى هذا التقدير يستقيم النظم» . قلت:«وهذا الوجه لا ينبغي أن يجوزَ البتة، إذ يمتنع أن تقولَ في نظيرِه من الكلام:» واللهِ لزيداً «تريد: والله لتضرِبَنَّ زيداً.
الوجه الثاني: وهو قول أبي عليّ وغيره أن تكونَ اللامُ في «لَما» جوابَ قوله: {مِيثَاقَ النبيين} لأنه جارٍ مَجْرَى القسم، فهي لامُ الابتداء المُتَلَقَّى بها القسمُ، و «ما» مبتدأةٌ موصولة و «آتيناكم» صلتُها، والعائد محذوف تقديره: آتيناكموه، فَحُذِفَ لاستكمال شروطه، و «من كتاب» حال: إمَّا من الموصول وإمَّا من عائده، وقوله:{ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ} عطفٌ على الصلة، وحينئذ فلا بُدَّ من رابطٍ يربطُ هذه الجملةَ بما قبلَها فإنَّ المعطوفَ على الصلة صلةٌ، واختلفوا في ذلك: فذهب بعضهم إلى أنه محذوفٌ تقديره: «ثم