جاءكم رسول به» فَحُذِف «به» لطول الكلام ولدلالة المعنى عليه، وهذا لا يجوزُ؛ لأنه متى جُرَّ العائدُ لم يُحْذَفْ إلا بشروطٍ تقدَّمت، هي مفقودةٌ هنا، وزعم هؤلاء أن هذا مذهب سيبويه، وفيه ما قد عرفته، ومنهم مَنْ قال: الربطُ حصل هنا بالظاهر، لأن هذا الظاهر وهو قوله:«لِما معكم» صادقٌ على قوله: «لِما آتيناكم» فهو نظير: «أبو سعيد الذي رَوَيْتُ عن الخِدْريّ، والحَجَّاج الذي رأيتُ ابنُ يوسف» ، وقال:
١٣٤٨ - فيا رَبَّ ليلى أَنْتَ في كلِّ موطن ... وأنت الذي في رحمةِ اللهِ أَطْمَعُ
يريدون: عنه ورأيته وفي رحمته، وقد وَقَع ذلك في المبتدأ والخبر نحو قوله تعالى:{إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}[الكهف: ٣٠] وهذا رأي أبي الحسن وتقدَّم فيه بحث. ومنهم مَنْ قال: إنَّ العائدَ يكون ضميرَ الاستقرارِ العامل في «مع» ، و «لتؤمِنُنَّ به» جوابُ قسمٍ مقدرٍ، وهذا القسمُ المقدَّرُ وجوابهُ خبرٌ للمبتدأ الذي هو «لَما آتيتكم» ، والهاء في به تعود على المبتدأ ولا تعودُ على «رسول» ، لئلا يلزَمَ خُلُوُّ الجملةِ/ الواقعةِ خبراً من رابطٍ يَرْبِطُها بالمبتدأ.
الثالث: كما تقدم إلا أن اللام في «لما» لامُ التوطئة، لأنَّ أَخْذَ الميثاق في معنى الاستحلاف، وفي «لتؤمِنُنَّ به» لامٌ جوابِ القسم، هذا كلام الزمخشري ثم قال:«وما» تحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط، و «لتؤمِنُنَّ» سادٌّ مسدَّ جوابِ القسم والشرط جميعاً، وأن تكون بمعنى «الذي» . وهذا الذي قاله فيه نظرٌ من حيث إنَّ لام التوطئة إنما تكون مع أدوات الشرط،