للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و «مِنْ» هذه التي في «لَمِنْ ما» زائدة في الواجب على رأي أبي الحسن الأخفش. وهذا تخريج أبي الفتح، وفيه نظرٌ بالنسبة إلى ادعائه زيادة «مِنْ» فإن التركيب يقلق على ذلك، ويبقى المعنى غيرَ ظاهر.

الرابع: أنَّ الأصل أيضاً: لَمِنْ ما، فَفُعِل به ما تقدم من القلب والإِدغام ثم الحذفِ، إلا أن «مِنْ» ليست زائدةً بل هي تعليليَّةٌ، قال الزمخشري: «ومعناه لمِنْ أجل ما أتيتكم لتؤمنُنَّ به، وهذا نحو من قراءة حمزة في المعنى» قلت: وهذا الوجه أوجهُ ممَّا تقدَّمه لسلامته من ادِّعاء زيادة «مِنْ» ولوضوح معناه. قال الشيخ: «وهذا التوجيهُ في غاية البُعْد ويُنَزَّه كلامُ العرب أن يَأْتيَ فيه مثلُه فكيف في كتاب اللهِ عز وجل! وكان ابن جني كثيرَ التمحُّلِ في كلام العرب، ويلزم في» لَمّا «هذه على ما قرره الزمخشري أن تكونَ اللامُ في» لِمنْ ما آتيناكم «زائدةً، ولا تكونُ اللامَ الموطئة، لأنَّ الموطئةَ إنما تدخل على أدوات الشرط لا على حرف الجر، لو قلت:» أٌقسم بالله لمِنْ أجلك لأضربن زيداً «لم يَجُزْ، وإنما سُمِّيت موطئةً لأنها تُوَطِّىء ما يَصْلُح أن يكونَ جواباً للشرط للقسم، فيصيرُ جوابُ الشرط إذ ذاك محذوفاً لدلالةِ جواب القسم عليه» قلت: قد تقدَّم له هو أنَّ «ما» في هذه القراءة يجوز أن تكونَ موصولة بمعنى الذي، وأن اللام معها موطئةٌ للقسمِ، وقد حصر هنا أنها لا تدخل إلا على أدوات الشرط فأحدُ الأمرين لازمٌ له، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذه هو الإِشكالُ على مَنْ جَعَلَ «ما» موصولةً وجَعَلَ اللامَ موطئةً.

وقرأ نافع: «آتيناكم» بضميرِ المعظِّم نفسَه، والباقون: «آتيتكم»

<<  <  ج: ص:  >  >>