بضميرِ المتكلم وحدَه، وهو موافقٌ لما قبله وما بعده من صيغة الإِفراد في قولِه:{وَإِذْ أَخَذَ الله} ، وجاء بعده «إصري» .
وفي قوله «آتيتكم» أو «آتيناكم» على كلا القراءتين التفاتان أحدُهما: الخروجُ من الغيبة إلى التكلم في قوله آتينا أو آتيتُ، لأنَّ قبله ذِكْرَ الجلالة المعظمة في قوله:{وَإِذْ أَخَذَ الله} ، والثاني: الخروجُ من الغَيْبَة إلى الخطاب في قوله: «آتيناكم» لأنه قد تقدَّمه اسم ظاهر وهو «النبيين» ، إذ لو جرى على مقتضى تقدُّم الجلالة والنبيين لكان التركيب: وإذ أخذ الله ميثاقَ النبيين لما آتاهم من كتاب كذا، قال بعضهم:«وفيهِ نظرٌ لأنَّ مثلَ هذا لا يسمى التفاتاً في اصطلاحِهم، وإنما يسمى حكايةً الحال، ونظيرُه قولُك: حلف زيد ليفعلنَّ ولأفعلن، فالغَيْبَةُ مراعاةً لتقدُّم الاسم الظاهر، والتكلُم حكايةً لكلامِ الحالفِ، والآية الكريمة من هذا» .
وأصل لتؤمِنُنَّ به ولتنصُرُنَّه: لتؤمنونَنّ ولتنصرونَنّ، فالنون الأولى علامة الرفع، والمشددة بعدها للتوكيد، فاستُثْقِلَ توالي ثلاثةِ أمثال فحذفوا نونَ الرفع لأنها ليست في القوة كالتي للتوكيد، فالتقى بحذفها ساكنان، فَحُذِفَت الواوُ لالتقاء الساكنين.
وقرأ عبد الله:«مُصَدِّقاً» نصبٌ على الحال من النكرة، وقد قاسه سيبويه وإنْ كان المشهورُ عنه خلاَفهُ، وحَسَّن ذلك هنا كونُ النكرةِ في قوة المعرفة من حيث إنه أُريد بها شخصٌ معين وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. واللام في «لَما» زائدةٌ لأنَّ العاملَ فرع وهو مُصَدِّق والأصل: مُصَدِّقٌ ما معكم.
قوله:{قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ} : فاعلٌ «قال» يجوز أن يكونَ ضميرَ الله تعالى وهو الظاهر، وأن يكون ضَميرَ النبي الذي هو واحد النبيين، خاطب بذلك