الثالث: أن يكونَ معطوفاً على» إيمانهم «لما تضمَّنه من الانحلال لجملةٍ فعلية، إذ التقدير: بعد أن آمنوا وشهدوا، وإلى هذا ذهب جماعة، قال الزمخشري:» أن يُعْطف على ما في «إيمانهم» من معنى الفعل، لأن معناه: بعد أن آمنوا، كقولِهِ تعالَى:{فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن}[المنافقون: ١٠] وقوله:
١٣٥٣ - مشائيمُ ليسوا مُصْلِحين عشيرةً ... ولا ناعبٍ إلا بِبَيْنٍ غرابُها
انتهى. وجهُ تنظيره ذلك بالآية والبيت تَوَهُّمُ وجودِ ما يُسَوِّغُ العطفَ عليه في الجملة، كذا يقول النحاة: جُزِم على التوهم أي: لسقوط الفاء، إذ لو سقطت لانجزم في جوابِ التحضيض، وكذا يقولون: تَوَهَّم وجودَ الباءِ فجَرَّ، وفي العبارة بالنسبة إلى القرآن سوءُ أدبٍ، ولكنهم لم يقصِدوا ذلك حاش لله، وكان تنظير الزمخشري بغير ذلك أَوْلى كقوله:{إِنَّ المصدقين والمصدقات وَأَقْرَضُواْ}[الحديد: ١٨] ، إذ هو في قوة: إن الذين صدقوا وأقرضوا، وفي هذه الآيةِ بحثٌ سيمر بك إن شاء الله تعالى.
وقال الواحدي:«عُطِف الفعلُ على المصدر؛ لأنه أراد بالمصدر الفعلَ تقديرُه: كفروا بالله بعد أَنْ آمنوا، فهوعطفٌ على المعنى كما قال: