جعل القيودَ والسياطَ بمنزلة العطاء، والضربَ بمنزلة التحية. وقال الفراء:«الإِثابَةُ هنا بمعنى المعاقبة، وهو يَرْجِعُ إلى المجاز» .
قوله:{لِّكَيْلاَ} هذه لامُ «كي» ، وهي لام جر، والنصبُ هنا ب «كي» لئلا يلزمَ دخولَ حرفِ جر على مثله. وفي متعلَّق هذه اللامِ قولان، أحدُهما: أنه «فأثابكم» ، وفي «لا» على هذا وجهان، أحدهما: أنها زائدةٌ، لأنه لا يترتَّبُ على الاغتمام انتفاءُ الحزنِ، والمعنى: أنه غَمَّهم ليُحْزِنَهم عقوبةً لهم على تركِهم مواقعَهم، قاله أبو البقاء. الوجه الثاني: أنها ليست زائدةً، فقال الزمخشري:«معناه: لكي لا تحزنوا لتتمرَّنوا على تَجَرُّعِ الغُموم، وتَضْرَوا باحتمالِ الشدائدِ فلا تحزنوا فيما بعدُ على فائتٍ من المنافع، ولا على مصيبٍ في المضارِّ» وقال ابن عطية: «المعنى: أنَّ ما وقع بكم إنما هو بجنايتكم، فأنتم وَرَّطْتُم أنفسَكم، وعادةُ البشرِ أن يصبرَ للعقوبة إذا جنى، وإنما يكثُرُ قَلَقُه إذا ظَنَّ البراءةَ من نفسه.