و» غَمَّاً «مفعولٌ ثانٍ، و» بغمٍّ «يجوزُ في الباءِ أوجهٌ، أحدها: أن تكونَ للسببية، على معنى أنَّ متعلَّق الغم الأول الصحابة، ومتعلَّق الغمِّ الثاني قَتْلُ المشركين يوم بدر، والمعنى: فأثابكم غَمَّاً بالغمِّ الذي أَوْقعه على أيديكم بالكفار يوم بدر.
وقيل: «متعلَّقُ الغمِّ الرسولُ، والمعنى: أذاقكم الله غَمَّاً بسبب الغَمِّ الذي أدخلتموه على الرسول والمؤمنين بفشَلِكم، أو فأثابكم الرسولُ، أي: آساكم غَمَّاً بسبب غمٍ اغتممتموه لأجله. والثاني: أن تكونَ الباءُ للمصاحبة أي: غَمَّاً مصاحباً لغَمٍّ، ويكون الغَمَّان للصحابة، فالغَمُّ الأول الهزيمة والقتل. والثاني: إشرافُ خالد بخيل الكفار، أو بإرجاف قتل الرسول عليه السلام، فعلى الأول تتعلَّق الباء ب» أَثَابكم «. قال أبو البقاء:» وقيل: المعنى بسبب غَمٍّ، فيكونُ مفعولاً به «. وعلى الثاني تتعلَّقُ بمحذوفٍ، لأنه صفةٌ لغَمّ، أي: غَمَّاً مصاحِباً لغَمٍّ، أو مُلْتَبِساً بغَمٍّ. وأجازَ أبو البقاء أن تكونَ الباءُ بمعنى» بعد «أو بمعنى» بَدَل «، وجَعَلَها في هذين الوجهين صفةً ل غَمَّا» ، وكونُها بمعنى «بعد» و «بدل» بعيدٌ، وكأنه يريد تفسيرَ المعنى، وكذا قال الزمخشري:«غَمَّاً بعد غم» .
وقوله:{فَأَثَابَكُمْ} هل هو حقيقةٌ أو مجاز؟ فقيل: مجاز، كأنه جَعَلَ الغَمَّ قائماً مقام الثواب/ الذي كان يحصُل لولا الفِرارُ، فهو كقوله: